ولا ندري كيف جائتهم هذه الشبهة الواهية؟ ولو سلمنا جدلا بأن "القول بأن هناك من يخلق سوى الله" مشكل؛ لو سلمنا بذلك، لقلنا: إن القول بأن الله يعذب عباده على ما خلقه هو فيهم مشكل أكثر!!
بل لا يوجد دليل عقلي أو شرعي يمنع من أن الإنسان يخلق أفعاله؛ ولكن توجد أدلة عقلية وشرعية متعددة تدل على أن الله تعالى لا يخلق أفعال العباد.
ثانيا: إن العبد مختار في ما يحدثه من أفعاله
موضوع الاختيار من المواضيع التي تبحث بشكل منفرد بغرض معرفة هل الإنسان مختار أم أنه مجبر؟ إلا أننا هنا نبحث عنه في إطار التكليف من باب بيان أن مسؤوليتنا أمام الله تعالى كاملة الشروط. فلا نبحث عن كوننا مختارين لمجرد المعرفة، بل لإثبات المسؤولية الكاملة علينا أمام الله تعالى يوم الحساب. نعم هناك نتائج للاختيار خارجة عن هذه الغاية إلا إن الأهم هو تنزيه الله تعالى عن الظلم، وتحميل العبد المسؤولية الكاملة والشاملة لفعله القبيح.
بل إن الاختيار لا يكسب قيمته في باب الحديث عن عدل وحكمته، إلا إذا بحث ضمن إطار التكليف المستتبع ثوابا وعقابا. فلا أحد يبحث في اختيار البهائم أو الجمادات لأن لا تكليف عليها، ولا ثواب لها ولا عقاب.
والذي نقوله: إنه ليس على أحد كره في الدين، ولا قسر، ولا جبر، فمن هيج مشيئته في الطاعة هاجت، ومن هيج مشيئته في الكفر هاجت، هو الذي يختار فعله، وهو الذي يفعل ما اختاره.
والاختيار هو أن يصدر الفعل عن العبد بإرادته وقدرته، بغير أن يكون ملجئا إلى ذلك أي نوع من الإلجاء؛ وأن يكون العبد قادرا على الفعل والترك؛ وأن يكون العبد قادرا على فعل خلاف ما صدر عنه.
পৃষ্ঠা ৮৬