وهذا الجواب نزولا عند تفسير البسطاء للإرادة الإلهية، التي ترادف الرغبة عند الإنسان؛ وهذا في نفسه باطل . فهم يتصورن مخالفة العبد للإرادة الإلهية مثلما يتصورون مخالفة أحدنا لإرادة ملك من الملوك. فيتصورن الغم والقهر والشدة التي تلحق الملك عندما لا تكون إرادته نافذة، ويقيسون هذا الأمر على الله سبحانه وتعالى.
أما على التفسير الصحيح للإرادة فالإشكال لا يكون موجودا أصلا. وسيأتي هذا التفسير في بيان أفعاله تعالى.
وكذلك الله تعالى لا يشاء المعاصي.
قال الله تعالى { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء } (النحل:35). فقد نصت الآية على أن المشركين افتروا على الله وقالوا بأن الله أراد منهم الشرك؛ فكذبهم الله تعالى، وذمهم، مبينا أنه لم يشأ الشرك منهم. وكيف يشاء الله تعالى ما ينهى عنه؟ وهل هذا القول إلا من قلة النظر؟ ولا شك أننا لا نريد ولا نشاء شيئا، إلا إذا قد خلق الله لنا القدرة والإرادة، ومكننا من أن نريد وأن نشاء. وعلى هذا يحمل قوله تعالى { وما تشاؤن إلا أن يشاء الله } (الإنسان:30) فليس لنا المشيئة إلا بأن مكنا على ذلك.
وكذلك لا يحب الله المعاصي قال الله تعالى { فإن الله لا يحب القوم الكافرين } (آل عمران:32) فلم يحبهم الله لأنهم فعلوا المعاصي.
كذلك لا يرضى الله عن المعاصي قال تعالى { ولا يرضى لعباده الكفر } (الزمر:7).
أخيرا فإن الله تعالى لا يدعو، ولا يزين، ولا يحبب للناس المعاصي. لأن هذا قبيح والله تعالى لا يفعله. قال الله تعالى { وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان } (الحجرات:7) فهل يكرههم الله على فعل، ثم يدعوهم له؟!
পৃষ্ঠা ৭৫