نسأله تعالى أن يصلي على محمد وآله، وأن يوفقنا، ويحسن خاتمتنا، ويدخلنا فسيح جناته، ويجيرنا من عذابه، إنه سميع مجيب.
4. إرادة القبيح، ومشيئته، ومحبته ورضاه
وكما لا يفعل الله تعالى القبيح فهو أيضا لا يريده، ولا يشاؤه، ولا يحبه، ولا يرضاه.
وذلك لأن كلا من هذه قبيحة، والله تعالى لا يفعل القبيح.
وكيف يريد الله المعاصي وقد قال { يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبهون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } (النساء: 26-27)
فهل أراد الله اتباع الشهوات؟!
وقال تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } (البقرة:185)
فهل يريد الله لنا المعاصي التي تؤدي إلى النار، التي هي أعسر من كل عسر.
وكيف ينهانا الله تعالى عن أفعال هو يريدها منا؟!
وقد دخلت الشبهة على من زعم أن الله يريد أفعال العباد من وجهين:
الوجه الأول: لما زعم أن الله خلق أفعال العباد. وهذا باطل وسنبينه في محله.
الوجه الثاني: قالوا لو كان الله لا يريد المعاصي، لوقع في ملكه ما لا يريد، ولكان الله سبحانه مغلوبا. وسأجيب على هذا فيما يلي.
فنقول وبالله التوفيق: نعم إنه يقع في ملكه ما لا يريد!! والآية السابقة صريحة في ذلك!!
فقد بينت الآية أنه تعالى يريد أن يتوب علينا، ثم ذكرت عقيب ذلك إرادة أخرى مخالفة هي إرادة الذين يتبعون الشهوات. فهل أصرح من هذا في وقوع ما يخالف إرادة الله تعالى؟!
إننا لا يمكن أن نخالف الله تعالى إذا لم يكن مريدا أن يخلقنا مختارين. ولكن الله تعالى قد خلقنا مختارين، ومكننا من الفعل والترك، وأراد أن يقع الفعل منا بحسب دواعينا؛ سواء وافق أمره ونهيه أم لا. وهذا لمدة قصيرة، بعدها ننتقل إليه، لننال جزاء أعمالنا، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
পৃষ্ঠা ৭৪