أيضا قالوا: إن الله تعالى ليس له غرض في الخلق، ولم يعدوا هذا من العبث المذموم. والأمر الذي لم يمكنهم أن ينسبوه إلى الله تعالى هو الكذب، لأن إثباته هدم الدين والقرآن.
وقد دخلت عليهم الشبهة حين تصوروا أن معيار الظلم هو التصرف في ملك الغير؛ فقالوا نحن ملك لله تعالى، وله التصرف فينا كما يشاء.
كما ظنوا أن الفاعل لا يكون له غرض من فعله إلا إذا كان محتاجا؛ فقالوا لو خلق الله الخلق لغرض ومصلحة، لكان الله تعالى محتاجا لهذا الغرض، ولتلك المصلحة.
ونحن نوافقهم في أننا ملك لله تعالى، ونوافقهم في أنه قادر على التصرف فينا كما يشاء، ولكن لا يعني هذا بأي حال من الأحوال أن الله تعالى يصح منه فعل هذه القبائح، أو أن هذه القبائح لا تقبح منه. فالظلم هو إنزال الضرر بالقيود المذكورة في أول الكتاب ولا علاقة للملكية فيها.
كما نوافقهم في أنه تعالى غني لا يحتاج، ولكن الغرض أو المصلحة من الفعل قد تعود إلى الفاعل، وقد تعود على من وقع عليه الفعل؛ وفي حق الله تعالى لا يمكن أن يعود الغرض والمصلحة من الخلق إليه لأنه غني، ولكنه يعود على خلقه.
قبائح الأفعال التي يتنزه الله تعالى عنها
فالحاصل هو أن كل فعل من أفعاله تعالى منزه عن القبائح العقلية؛ التي هي الظلم، والعبث، والكذب، والكفر، واعتقاد الجهل، والرضا والإرادة لأحدها:
فليس في أفعاله الظلم.
وليس فيها العبث.
وليس فيها الكذب.
وليس فيها دعوة إلى القبح، أو محبة لقبح، أو إرادة له، أو إجبار عليه، أو خلق له.
أما الكفر فلا يتصور في حقه أصلا، لأن الكفر يكون في مقابل النعمة وليس من أحد له نعمة على رب العالمين. وكذلك اعتقاد الجهل لأنه تعالى العالم الذي لا يخفى عليه شيء.
وفيما يلي تفصيل لهذه القضية:
1. الظلم.
পৃষ্ঠা ৬৯