((أنشأ الخلق إنشاءا وابتدأه ابتداءا، بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها...))
أما الأفعال الاختيارية لمخلوقات الله تعالى؛ فلا تقع منهم إلا بعد تفكير، وهم، ثم حركة، واستعمال آلة...
أيضا أفعال الله تعالى أجسام نحو الجبال، والأرض، والماء، والنجوم...؛ وأعراض نحو الحرارة، والهيئات. وأما الإنسان فلا يستطيع أن يفعل أي جسم، ثم لا يستطيع أن يحدث إلا الحركة، وبعض الهيئات، وبعض الخواطر.
سادسا: إن أفعال الله تعالى لا تحصى ولا تحصر أجناسها ولا
أعيانها.
قال الله تعالى { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي } (الكهف:109)، وقال تعالى { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله } (لقمان:27)، وكلمات الله تعالى هي أفعاله، بدليل قوله تعالى عن عيسى عليه السلام { إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه } (النساء: 171). فعيسى كلمة الله تعالى، وهو خلق من مخلوقاته، وفعل من أفعاله.
سابعا: إن أفعاله تعالى حسنة لا قبح فيها.
هذا هو معنى قولنا إنه تعالى حكيم. وهذا المبحث لهو أهم المباحث المتعلقة بأفعال الله تعالى، وأخطرها أثرا، ولذا يحسن التأمل فيها كثيرا.
قد سبق أن قلنا إن الأفعال القبيحة إنما تقبح للصفة التي وقعت عليها؛ فالقتل قد يكون حسنا، كما قد يكون قبيحا؛ والفرق إنما يظهر بالنظر إلى سبب القتل. كما قلنا إن فاعل الفعل لا علاقة له بالحكم على فعل بالحسن أو القبح؛ فالفعل القبيح يقبح من العبد، كما يقبح من الله تعالى. كما قد أشرت إلى أن الله تعالى لا يفعل الفعل القبيح لأنه يقبح منه. وفيما يلي عرض موجز للمسألة، ولأدلتها، ولأهم ما ينتج عنها من قضايا.
الدليل على أنه تعالى لا يفعل القبيح.
الدليل على أنه تعالى لا يفعل الفعل القبيح هو ما يلي:
إن الله تعالى عالم بأن فعل القبائح قبيح.
পৃষ্ঠা ৬৭