وقولنا إنه تعالى عالم يفيد أن الذات عالم؛ وقولنا إنه تعالى قادر يفيد أن الذات قادر؛ وقولنا إنه تعالى حي يفيد أن الذات حي. أما قولنا إنه تعالى خالق، فهو يفيد أنه تعالى خلق، كما قد يفيد إنه تعالى قادر على الخلق؛ وقولنا إنه تعالى رازق فهو يفيد أنه تعالى رزق، أو إنه تعالى قادر على الرزق؛ وقولنا إنه تعالى رحيم يفيد أنه تعالى رحم، أو إنه تعالى قادر على الرحمة. وقولنا يا قادر هو دعاء لله باعتبار أن ذات الله قادر، وقولنا يا حي هو دعاء لله باعتبار أن ذات الله حي. أما قولنا يا رازق فهو دعاء لله باعتبار أنه يفعل الرزق أو أنه قد فعل الرزق؛ وقولنا يا رحيم هو دعاء لله باعتبار أنه قد رحم، أو أنه قد يرحم.
ولا يمكن بأي حال من الأحول أن نقول إن الله تعالى لم يكن قادرا، ولم يكن عالما، ولم يكن حيا، لأن هذه صفات للذات، والذات هي هي لم تتغير.
ولكن يصح أن نقول إنه تعالى لم يكن خالقا، ولم يكن رازقا، ولم يكن غافرا؛ لأنه تعالى لم يخلق ثم خلق، ولم يرزق الخلق إلا بعد أن خلقهم، ولم يغفر لهم إلا بعد أن كلفهم وعصوه، أو قصروا في حقه ثم استغفروا.
فالصفات التي نصف الله بها باعتبار أفعاله إنما تطلق على الله تعالى بعد صدور الفعل منه. فلما يفعل الله فعلا، يسمى الله باعتبار صدور ذلك الفعل منه بإسم لم يكن يطلق عليه. فالله عندما خلق الخلق سمي باعتبار هذا الفعل خالقا. والله عندما أنزل الخير والنعم على خلقه سمي الله تعالى باعتبار هذا الفعل منعما أو راحما، أو رازقا.
ويصح أن يوصف الله تعالى باعتبار فعل، وإن لم يصدر عنه؛ ولكن بمعنى أنه تعالى قادر على إحداث ذلك الفعل.
পৃষ্ঠা ৬৫