نعم، إن هذا الأمر غير متصور لنا، ولكنه معقول. وبين الأمرين فرق. فالذي لا يتصور هو الذي يستحيل أو يصعب توهمه وتخيله في الذهن؛ أما الذي لا يعقل فهو الذي ترفضه الأدلة العقلية. نحن لا نتصور شيئا خارج المكان، ولكن القول هذا لا يعارض دليلا عقليا، بل الدليل العقلي يؤيد أنه تعالى ليس في مكان. فإننا نعلم أنا لو أثبتنا أنه تعالى خارج العالم بمعنى الجهة لأثبتنا له تعالى الجهة وهذا مستحيل؛ ولو أثبتنا أنه تعالى داخل العالم لأثبتنا عليه ما هو مستحيل؛ فكان الصواب نفي الأمرين، إذ هو تعالى ليس كمخلوقاته ليجب علينا أن نثبت له الجهة والمكان.
3. ويستحيل عليه تعالى التغير، فذات الله تعالى هو هو لا يتغير، لأنه ليس مما شأنه أن يتغير، إذ التغير من خصائص الأجسام، والله تعالى ليس بجسم. فلا يصح أن نقول إن الله تعالى يصيبه الألم ولا اللذة، ولا الشهوة ولا النفار، لأن هذه كلها تغيرات تصيب الذات، والله يتعالى ويتنزه عنها.
أما قولنا: الله تعالى يخلق، والله تعالى لا يخلق، ونحوها من الصفات الفعلية فهذا ليس من قبيل التغير في الذات؛ إذ الكلام فيها عن فعله جل جلاله وليس عن ذاته. والذات لا يتغير بمجرد صدور الفعل عنه.
4. والله تعالى لا يصح أن يرى في الدنيا ولا في الآخرة، لأن الرؤية لا تجوز إلا على الأجسام؛ ثم لقوله تعالى { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } (الانعام:103)، ولإجماع أئمة أهل البيت على هذا الأمر، وإجماعهم حجة شرعية كما سنبين.
ومن أثبت الرؤية سعى إلى صرف الآية عن ظاهرها، وسيأتي التفصيل على هذا الأمر في قسم الآيات المتشابهة إن شاء الله تعالى.
5. والله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الحركة ولا السكون. فلا يقال: إنه يتحرك، كما لا يقال: إنه ساكن؛ لأن الحركة والسكون من خصائص الأجسام، والله تعالى ليس بجسم، فلا يجوز أن يطلقان عليه .
পৃষ্ঠা ৬২