أما "شيء" فكلمة يشار بها إلى ما يصح الإخبار عنه والعلم به؛ فكل ما يصح الاخبار عنه أو العلم به يصح أن نقول إنه شيء. والله تعالى يصح أن نقول إنه شيء بذلك المعنى.
أما في قولنا: شيء لا كالأشياء؛ فنحن نثبت أولا أن الله تعالى يعلم، وأنه تعالى يخبر عنه؛ ثم ننفي كونه تعالى كالأشياء الأخرى التي تعلم والتي يخبر عنها.
ولا بد من التمييز بين الجواز العقلي أو اللغوي من جهة، وبين الجواز الاجتماعي من جهة أخرى. فكلمة شيء من الناحية اللغوية لا تمنع إطلاقها عليه تعالى فيصح عقلا إطلاق شيء عليه؛ أما من الناحية الاجتماعية فكلمة "شيء" قد تستعمل في ما هو مستحقر أو صغير الشأن؛ فقد لا يصح في مثل هذا المجتمع القول بأن الله تعالى شيء، لأنها عند مستعمليها تفيد معنى لا يجوز نبسته إليه تعالى. أما القرآن الكريم فقد أطلق لفظ شيء عليه تعالى وذلك في قوله { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم } (الأنعام:19).
أيضا قالوا: لما جاز أن تقولوا: الله قادر لا كالقادرين، وحي لا كالأحياء، وعالم لا كالعالمين؟
والواقع إن من لم يراقب الله تعالى في أعماله، ولم يدقق فيما يتقوله على الله تعالى، يقول مثل هذا القول الصادر عن عدم تأمل فيما يليق بالله تعالى .
إن قولنا: الله قادر لا كالقادرين؛ إثبات أن الفعل يصح منه تعالى، ثم بقولنا: لا كالقادرين أثبتنا أن ذاته تعالى غير ذوات بقية القادرين. فليس في قولنا الله تعالى قادر كلام في الذات، إنما هو في ما يصح من الذات، وبين الأمرين فرق كبير، كبير، كبير. ومثل ذلك قولنا الله عالم لا كالعالمين، فليست هذه إلا إثبات أن كل أمر ظاهر له تعالى لا تخفى عليخ خافية. وليس هذا كلام في ذات الله تعالى، وهكذا في بقية الصفات. أما قولهم جسم، فإثبات لحقيقة الذات أنها جسم. وعسى أن يتضح بهذا الفرق بين العبارتين، والحمد لله رب العالمين.
পৃষ্ঠা ৬০