يتضح بالتأمل مما سبق أن الفعل الواحد قد يكون ظلما في حالة ما، ولا يكون ظلما في حالة أخرى، وذلك بحسب وجود القيود السابقة في ذلك الفعل.
الكذب
الكذب: الكذب معروف، والقبيح منه قطعا هو الكذب الضار.أما الكذب الذي ليس فيه ضرر، فهو قبيح أيضا، ولكن درجة قبحه أقل. أما الكذب الذي يؤدي إلى خير، وذلك بأن يكون وسيلة لدفع قبائح أكبر، وذلك كأن يكون العاقل ملجئا إلى أن يختار بين أن يكذب، وبين أن يعرض حياة فرد إلى خطر القتل ظلما؛ ففيه قولان:
القول الأول: يرى أنه قبيح؛ إلا أنه إذا أدى إلى خير يغلب على قبحه، فيصح أن يعمله العاقل. وهذا الرأي يقوم على اعتبار أن الكذب يقبح لذاته.
القول الثاني: يرى أنه ليس قبيحا على الإطلاق. وهذا الرأي يقوم على اعتبار أن الكذب إنما يقبح بالنظر إلى الضرر المترتب عليه في المدى القريب، أو البعيد.
والأرجح هو القول الأول، والله أعلم.
العبث، واعتقاد جهل، والكفر
العبث: هو الفعل الخالي عن غرض فيه نفع وصلاح. والفعل الذي يتصف بالعبث قبيح.
اعتقاد جهل: هذا واضح. فمن اعتقد اعتقادا يخالف الواقع، فقد أقدم على قبيح.
الكفر: المراد بالكفر هنا هو إنكار النعمة، وعدم الاعتراف بها، وعدم مقابلتها بالشكر. وقبح هذا الأمر مما لا يمتري فيه أحد.
فتلك القبائح العقلية. وهي خمسة كما هو واضح. ويضاف عليها: محبتها، أو إرادتها، أو الأمر بها، أو الرضا بها، أو الإكراه عليها. وقبح هذه الأمور واضحة لكل عاقل.
تلك خلاصة مسألة الحسن والقبح العقليين. ولكن يبقى لنا ملاحظات للتوضيح:
পৃষ্ঠা ৩৫