والعرض الذي سأقدمه بحول الله تعالى في الجزأين يعد عرضا أوليا لأصول الدين، ولكنه ليس أوليا بمعنى أنه يعرض بعض المسائل الأصولية فحسب دون غيرها(2) إنما هو أولي بمعنى أنه يهدف إلى عرض جميع المسائل الأصولية التي يجب معرفتها، من دون الخوض المفصل في الأدلة والبراهين، وفي الأقوال والردود عليها. فلم أسع إلى التمييز بين المسائل نفسها بجعل بعضها للمستوى الأول من عرض الأصول، والبعض الآخر للمستوى الثاني والآخر للمستوى الثالث ونحو ذلك، بل سعيت إلى عرضها جميعا بحيث تكون عناصر المستوى الأول هي عينها عناصر المستوى الثاني(1)، ويكون الفرق بين المستويين هو فقط في نوع وكم الأدلة المذكورة من جهة، ومن جهة أخرى في ذكر الأقوال المخالفة من شبهات أو اختلافات، والرد عليها أو التعليق بما هو مناسب.
ذلك أن الهدف من هذا العرض هو تعريف المسلم المثقف بالقضايا الأصولية، وبيان الرأي المختار فيها، مع الدليل المختصر ليكون على بينة من أمره فيما يخص علاقته بالله جل جلاله، وليس مناسبا، والهدف هذا، أن تختصر القضايا التي يتم عرضها، بل ينبغي لذلك وضع مرجع صغير في حجمه، شامل في موضوعاته، وافيا في بيانه. وهذا ما سعيت إليه؛ فأسأله تعالى أن أكون قد حققت بعض هذا الهدف في هذه الصفحات. فإن كان ذلك، فهو بما سهل الله وأيد بألطافه التي لا تحصى، وإن لم يكن ذلك فهو بما فرطت في حقه تعالى، وبما قصرت في البحث والتدقيق، والله هو المرجو أولا وآخرا لقبول هذا العمل.
পৃষ্ঠা ৪