عبادة الله وعبادة الصفة وبناء على هذه النتيجة فعلى العبد أن يعلم، أن فهمه عن صفات الله تعالى ليس هو صفات الله، وليس هو الله. فيجب أن تكون عبادته لله تعالى بقدر الله، وليس بقدر ما عرفناه عن الله. ولكن لما كانت العقول عاجزة، والأبصار حاسرة، فإننا نقف أمامه جل جلاله ونقول: عرفناك بقدرنا لا بقدرك؛ فسبحانك ما عرفناك حق معرفتك، فسبحانك ما عبدناك حق عبادتك، لا نثني ثناءا عليك، أنت كما أثنيت على نفسك. فكيف نثني عليك ونحن لا نعرفك؟!
وهذه المعرفة التي لدينا، هي الكافية في علاقتنا به، وفي إقامة التكليف علينا؛ فالله (( لم يطلع العقول على تحديد صفته ولم يحجبها عن واجب معرفته)) كما قال الإمام علي صلوات الله عليه.
ومما احتج به مانعي البحث في هذه العلوم هو الحديث: ((من تفكر في المخلوقات وحد، ومن تفكر في الخالق ألحد.))
وهذا الاحتجاج غير دقيق، لأن الإلحاد هو التفكر في الذات، أي فيه تعالى؛ وهذا خطأ لا شك فيه، وقد يؤدي إلى الإلحاد. أما التفكر في عظمة قدرته، وسعة علمه، فهل يؤدي إلى الإلحاد؟ وهل تنزيه الله تعالى عن النقص مؤد إلى إلحاد؟ وهل نفي التجسيم عن الله تعالى، والأيدي، والأعين، والجنب، والفوقية...إلخ، هل نفي هذه مؤد إلى الإلحاد؟ بل هل إثبات هذه مما يؤدي إلى ثبات الإيمان؟!!
إن تجسيمهم وتشبيهم هو التوحيد الذي أراده الله منهم!! أما تنزيه الله عن صفات المخلوقات، وعن التشبيه فهذا من الإلحاد الذي لا يجوز!!
ولو كان الأمر يتسع لذكرنا من نصوصهم التي يقشعر منها البدن لما فيها من نسبة أقبح القبيح إليه جل جلاله { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } (الصافات:180)(1)
مشكلة أولئك أنهم لم يفرقوا بين الله والصفة، فظنوا أن البحث في الصفة هو البحث في الله؛ والأمر ليس كذلك كما بينا.
পৃষ্ঠা ২৯