(( إن صفات الله تعالى دلائل عليه، يدرك علمهن، ولا يدرك الموصوف بهن. فليس ما نطقت به الألسن من صفاته هو هو؛ بل هو سبحانه الموصوف لا الصفات، وهو المعروف بما تعرف به إلى خلقه من الآيات.))
ذلك أننا إذا علمنا الله؛ فإنما نعلم أنه هو قادر، وأنه هو حي، وأنه هو عالم وأنه هو غني؛ وعلمنا بهذه جميعا ليس علما بالله. ولكن قد نعبر عن ذلك بأن هذا علم بالله، لأن هذا قصارى ما يمكن للبشر أن يعلموه من الله جل جلاله.
توضيح ذلك؛ إننا إذا علمنا أن الله تعالى عالم، فإننا علمنا أنه تعالى عالم، ولم نعلمه تعالى. وإذا علمنا أنه تعالى قادر، فإنما علمنا أنه جل جلاله قادر ولم نعلمه تعالى. وإذا علمنا أنه تعالى حي، فإنما علمنا أنه تعالى حي ولم نعلمه تعالى...
وفرق كبير بين الأمرين للمتأمل.
ثم نحن لا ندرك إلا أفعال الله جل جلاله، وأفعاله جل جلاله هي خلقه، وخلقه ليس هو. ومن هذه الأفعال آمنا أنه قادر، وآمنا أنه عالم، وآمنا أنه حي، وآمنا أنه غني، وآمنا أنه عدل. ولكن لم ندرك الله جل جلاله، ولا يدرك سبحانه وتعالى.
كمثال، ولله المثل الأعلى: نحن نرى الأنوار القادمة من النجوم البعيدة، ولكن لا نرى النجم نفسه. ندرك أثر النجم، ولكن لا ندرك المصدر لهذا الأثر. ولكن يمكننا من هذا الأثر أن نعلم بعض صفات هذا النجم.
كذلك لما نرى كتابا موسعا محكما؛ نعلم أن لهذا الكتاب كاتب، ونعلم أن لديه علما، وأن لديه قدرة، وأنه حي، ولكن لا نعلم عن هذا الذات ما وراء هذا.
فالنتيجة أننا لا نعلم الله تعالى، إنما نعلم بعض صفاته، وبعض أفعاله.
পৃষ্ঠা ২৮