ومعرفة الله أكبر سبب يدعو إلى فعل الطاعة وترك المعصية. ولذا قلنا إن معرفته تعالى واجبة من هذا الوجه. فإن من عرفه بقدرته على كل شيء، وعرف حكمته وعدله، وعرف صدقه في وعده ووعيده، وعرف شدة بطشه وعظمة رحمته؛ فإنه سيكون أقرب إلى طاعته، وأبعد عن معصيته ممن لم يعرف ذلك.
بيان أن معرفة الله أهم الواجبات
ما سبق ذكره بيان لوجوب معرفة الله جل وعلا؛ أما كون هذا الواجب مقدم على بقية الواجبات، فيعرف بالتأمل في أدلة الوجوب.
فكيف يقدم عليها واجب من الواجبات، وكل الواجبات تجسد لعبادة الله، التي هي بنفسها تقوم على معرفة الله تعالى. بل الغرض الأصيل من الصلاة التي هي عمود الدين والمقدم على كل عمل هو ذكر الله سبحانه وتعالى { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر } (العنكبوت:45). وذكر الله الصحيح ليس مجرد لقلقة ألفاظ، بل هو استحضار معانيها، فكيف يكون الذاكر ذاكرا إذا لم يعرف الله تعالى؟!
وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا الأمر عندما سأله أعرابي فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله:
(( يا رسول الله، علمني من غرائب العلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله:
وماذا صنعت في رأس العلم حتى تسألني عن غرائبه؟
فقال الرجل وما رأس العلم يا رسول الله؟
فقال :
أن تعرف الله حق معرفته بلا ند ولا شبيه، ولا مثل واحدا ظاهرا باطنا أولا أخرا لا كفؤ له ولا نظير له، فذلك معرفته حق معرفته.(1) ))
والمراد من الحديث ظاهر لا يحتاج إلى تعليق.
পৃষ্ঠা ২৫