167

[166_2]

سلطانه عن الإكثار.

وكان عمرو بن مسعدة، وكنيته أبو الفضل، أبيض أحمر الوجه، وكان المأمون يسميه الرومي لبياض وجه، وكان يخضب، وتوفي بأذنه سنة سبعة عشرة ومائتين؛ ولم نعرف منشأه ومولده وأساتيذه، وغاية ما عرفناه أنه كان أحد إخوانه أربعة أحسن أبوهم تربيتهم حتى جاءت من أحدهم هذه البلاغة النادرة، التي كان من أثرها أن أصبح عشير المأمون، ولكي يصل الرجل إلى هذا المقام مع مثل هذا الخليفة العظيم في كل شؤونه يجب أن ينطوي على صفات عالية يعز مثلها في الأقران والأتراب؛ وفي تاريخ بغداد أنه روى الحديث عن جماعة، ووصفوه بأنه الكاتب الرسائلي، وأنه كان يقول الشعر بفضل أدبه.

قال عمرو بن مسعدة: كنت أوقع بين يدي جعفر بن يحيى البرمكي فرفع إليه غلمانه ورقة بستزيدونه في رواتبهم فرمى بها إلى وقال: أجب عنها، فكتبت قليل دائم خير من كثير منقطع فضرب بيده على ظهري وقال: أي وزير في جلدك. وقد شهد لعمرو بن مسعدة بالبلاغة أعيان البيان في عصره، ومنهم الفضل بن سهل فيه: أنه أبلغ الناس، ومن بلاغته أن كل واحد إذا سمع كلامه ظن أنه يكتب مثله، فإذا رامه بعد عليه. وهذا كما قيل لأحد البلغاء: ما حد البلاغة؟ فقال: التي إذا سمعها الجاهل ظن أنه يقدر على مثلها، فإذا رامها استصعبت عليه.

ولم يؤثر عن عمرو أنه ألف في موضوع خاص، وأفراد مسألة في التأليف، وإن قالوا ان له رسائل وأقوالا . وعده ابن النديم في الشعراء الكتاب، لم يذكر إلا أن له ولأخيه مجاشع خمسين ورقة من الشعر؛ والغالب أن مهام الدولة لم تترك له وقتا يصرفه في درس خاص، أو وضع كتاب أو رسالة، وما تلقطه العلماء والأدباء من كلامه هو مما رواه له المعجبون به، وما أعظم المفقود منه. والمظنون أن لو كانت جمعت له رسائله على إيجازها لكان منها ديوان كبير، لأنه صرف أعواما

পৃষ্ঠা ১৬৬