الصناديد، وكنت أنا - سقى الله الشباب - واحدا منهم، فما أنسى قط حين أقبلت في عصبة ذوي أيد من مذاويد الطرواديين (إذ هتف بهم هاتف أن الحصان يحمل لهم شرا ويطوي لقريتهم ثبورا)، فجعلت أنت تنادين بأسماء الفرسان اليونانيين واحدا بعد واحد؛ لتري هل اختبأ منا بداخله أحد كما تنبأ بذلك المتنبئون. تالله لقد كدت أرد عليك نداءك حينما هتفت باسمي، وتالله لقد أوشك زميلي ديوميد يرد عليك هو الآخر، لولا أن فطن أوديسيوس فحذرنا وحبس ألسنتنا الشقشاقة التي كادت توردنا موارد الهلاك، لو أن أحدا منا خدع فنبس ببنت شفة، وا حربا! لقد صمتنا جميعا ولكنك عاودت، فما كدت تهتفين باسم أنتيكلوس حتى أوشك المجنون أن يلبي، لولا أن كتم أوديسيوس أنفاسه بكلتا يديه حتى لكاد يزهق روحه، ولم يعفه حتى أيقنا أنك عدت أدراجك وعاد معك القوم المنكرون.»
ثم كان الهزيع الأخير من الليل، فتلطف تليماك واستأذن الملك في الانصراف ليأخذ كل نصيبه من النوم فتأذن، وأشارت هيلين إلى وصيفاتها، فأهرعن إلى مخادع الأضياف فأصلحن فرشها، وأعددن الملاحف والوسائد والحشايا، ثم نهض أمين الملك ونهض في أثره بيزاستراتوس وتليماك، حتى كان في مخدعه، وحتى اطمأن كل في سريره، وناما في حرير وسمور وفي فاقم وفي سنجاب وتهاويل غير ذاك من الرقم ومن سندس ومن زرياب.
4
ونهض الملك والملكة كذلك فدخلا القصر، واستسلما لأطيب الرقاد. •••
وذر قرن أورورا ربة الفجر في المشرق الوردي، فهب الملك وأصلح شأنه، ورف بازيه الأشهب فوقف على غاربه، ثم مضى إلى مجلسه حيث لقي تليماك في انتظاره، فحيا وجلس وبدأ حديثه، فقال: «أي بني! تليماك، أيها البطل وسليل البطل، فيم شددت رحلك إلى هنا؟ إلى رحاب ليسديمون
5
في فلوات البر وسروات البحر؟ ألأمر عام؟ أم لشأن يخصك ويتعلق بشخصك؟»
وأجاب تليماك: «مولاي الملك منلوس العظيم، لقد جئت أتحسس خبرا عن أبي، وأقبلت أحدث عن أعدائه الذين آووا إلى بيته فما يريمون، يستنزفون غلته، ويهلكون حرثه، ثم هم مع ذاك ينافس بعضهم بعضها في كبر وزهو وخيلاء؛ من أجل زوجه يا للعار! إنهم استباحوا كل شيء؛ كل نعمه وكل شأنه، ولم يعفوا آخر الأمر عن عرضه. إني أستجيرك يا مولاي وأضرع إليك أن تخبرني عما تعلم من أمر أبي؛ هل قضى تحت أسوار إليوم؟ أم غالته يد المنون في ركن آخر من أركان الأرض؟ لقد كان خليلك وصفيك وآثر أصدقائك وأعز أودائك عليك، فبكل آلاء ذلك عندك أستحلفك أن تصدقني؛ ماذا تعرف من أخباره؟ وماذا عسيت سمعت من أنبائه؟»
وتنفس الملك تنفسة عميقة وقال: «يا أرباب الأولمب، أبلغت حقارة نفوسهم أن يفضحوا أوديسيوس في عرضه؟ ألا باءوا بما صنعوا، ألا ما أشبههم بهذه الوعلة التي أجاءها المخاض فولدت في عرين الأسد، فلما عاد الأسد إلى عربته لم يبق عليها ولا على أغفارها،
6
অজানা পৃষ্ঠা