আরব আদিবদের আব্বাসী যুগ
أدباء العرب في الأعصر العباسية
জনগুলি
لم يكن ابن المقفع مخترعا في الأدب الصغير، وإنما هو ناقل متصرف في النقل فعله في كليلة ودمنة، ولا يرى غضاضة في ذلك، بل يحسنه ويزينه إذ يقول: «ومن أخذ كلاما حسنا عن غيره فتكلم به في موضعه على وجهه، فلا يرين في ذلك عليه ضئولة، فإنه من أعين على حفظ قول المصيبين، وهدي للاقتداء بالصالحين، ووفق للأخذ عن الحكماء، فلا عليه أن لا يزداد؛ فقد بلغ الغاية.» وهذا يدل على أن الكاتب يعتقد أن الذين تقدموه من الحكماء بلغوا الغاية، فلم يتركوا زيادة لمستزيد، ويوضح ذلك في قوله: «وجل الأدب بالمنطق، وكل المنطق بالتعلم. ليس حرف من حروف معجمه، ولا اسم من أنواع أسمائه إلا وهو مروي متعلم مأخوذ عن إمام سابق من كلام أو كتاب، وذلك دليل على أن الناس لم يبتدعوا أصولها، ولم يأتهم علمها إلا من قبل العليم الحكيم.» ا.ه. فهو يزين العلم، ولا يشترط الاختراع، ولذلك يقر بأنه أخذ كتابه هذا عن غيره، فيقول: «وقد وضعت في هذا الكتاب من كلام الناس المحفوظ حروفا، فيها عون على عمارة القلوب، وصقالها وتجلية أبصارها، وإحياء للتفكير، وإقامة للتدبير.»
والأدب الصغير عبارة عن دروس خلقية اجتماعية، تحث على طلب العلم، وتشترط على العالم التواضع وعدم الاعتداد بالنفس، وتدعو المرء إلى تأديب نفسه ومحاسبتها، وتحسن له الزهد والتصوف، وهي مع ذلك تعظم شأن المال وتقدسه، ولا تنهى عن جمعه: «ومن لا مال له فلا شيء له، والفقر داعية إلى صاحبه مقت الناس.»
على أن الكاتب ينهاك عن الاغترار بالمال الكثير، ويدعوك إلى القناعة بالقليل منه، لأنه يريده مانعا للفقر ليس غير. وتراه اشتراكيا لا يحب الاحتكار والاستئثار: «لا تعد غنيا من لم يشارك في ماله.» ولا غرو أن يدعو إلى الاشتراك وهو الذي يوصي الإخوان بالتعاون والتعاضد، ويقدس المودة والوفاء للصديق.
وإذا أوصى بالصديق لا يغفل عن العدو، بل يحذرك منه ويرشدك إلى سياسته، وينهاك عن استصغار الأمور: «لأن من استصغر الصغير أوشك أن يجمع إليه صغيرا وصغيرا، فإذا الصغير كبير.» ولا يرى في المشورة غضاضة، ولو كان الرأي الصائب من شخص حقير.
ويتكلم على سياسة الملوك والولاة، فيشير عليهم أن يتعهدوا عمالهم: «حتى لا يخفى عليهم إحسان محسن، ولا إساءة مسيء.»
وله في المرأة ظن سيئ لا تحمده النساء عليه، فإنه يلح في النهي عن عشقهن، والاطمئنان إليهن؛ لأن مودتهن لا تدوم.
وهو على نصائحه الاجتماعية والأدبية لا يغفل عن المواعظ الدينية، فيأمر بالتقوى، والتعبد لله ومعرفة نعمه، والشكر له؛ لتزداد هذه النعم.
وجماع القول أن الأدب الصغير رسالة نفيسة في سياسة الاجتماع وتهذيب النفس، ورياضتها على الأعمال الصالحة، ومعرفة الخالق.
وأما إنشاؤه فيختلف بعض الاختلاف عن إنشاء كليلة ودمنة؛ لأن صاحبنا اتخذ فيه الأسلوب المنطقي الصرف، فظهر عليه بعض الجفاف، وتخللته جمل اعتراضية فلم يخل من التعقيد. وازدحمت فيه المعاني الفلسفية الدقيقة، فصعب التماسها؛ لأنها أفرغت في قالب إنشائي بحت، كله تحذير وتحضيض، وأقيسة وأعداد وتقاسيم، فلم يتم لها الوضوح الذي تم لها في حكايات كليلة ودمنة.
وفي الأدب الصغير أقوال واردة في كليلة ودمنة بحروفها، ولكنها مندمجة هناك في القالب القصصي السهل، وقائمة هنا بنفسها.
অজানা পৃষ্ঠা