والمؤتمر هو الهيئة المهيمنة على الاتحاد المقررة لاتجاهاته العامة الواضعة لنظامه الداخلي، وهو يتكون من أعضاء ينوبون عن العمال مباشرة بعد أن يتم انتخابهم في نطاق النقابات، والمؤتمر هو الذي ينتخب الهيئة الإدارية. (ج) نشاطه في الميدان العالمي
كان كفاح الاتحاد في الخارج لا يقل أهمية عن كفاحه في الداخل، وقد وجد صعوبات جمة للاتصال بالحركة العمالية العالمية؛ لأن فرنسا لا تريد أن تسمح لمنظمة قومية تونسية بالاتصال رأسا ومباشرة بالعالم الخارجي، فوضعت العراقيل المختلفة من احتجاجات وغيرها، ووكلت نوابها الرسميين وشبه الرسميين كلويس جوهو زعيم الحركة النقابية الفرنسية، وممثل فرنسا في المكتب الدائم للعمل بجنيف، والممثل السابق للنقابات الفرنسية رفقة لويس صيان في الجامعة العالمية للنقابات، ليعارضوا في انضمام الاتحاد للحركة العالمية، وكان الشيوعيون الذين انفلت من يدهم زمام القيادة النقابية بتونس قد كونوا أيضا سدا منيعا أمام الاتحاد في تلك الجامعة العالمية.
فلم يجد الاتحاد التونسي في أول أمره صدى لنداءاته ولم يتلق جوابا عن مطالبه، ولما أخذت بوادر الانقسام تظهر في الحركة العمالية وانحاز كل شق إلى معسكره، ذهب الشيوعيون مع روسيا والباقون مع أمريكا، إذ ذاك أرادت الجامعة العالمية للنقابات أن تعزز قواها، فدعت وفدا من الاتحاد التونسي للحضور إلى مؤتمرها، ثم قررت قبول الاتحاد في صفوفها، ولكن سرعان ما تم ما كان متوقعا من انقسام، وخرجت النقابات الحرة عن المنظمة العالمية، وكونت اتحادا خاصا بها الجامعة العالمية للنقابات الحرة.
فإذا بها تراسل الاتحاد التونسي وترجو منه الانفصال عن المنظمة الشيوعية والانضمام إليها، ولم تقتصر على ذلك بل أرسلت نوابا عنها إلى تونس للاتصال بعمالها وإقناعهم بما تسعى له لعلمها بأن الاتحاد العام التونسي للشغل أقوى وأنظم منظمة نقابية في أفريقيا كلها، فطرح الاتحاد تلك المسألة على بساط البحث في مؤتمره المنعقد في مارس 1951 والذي حضره كمستمعين نواب عن النقابات العالمية الحرة ونقابات الجزائر ومراكش وساحل الذهب ويوجوسلافيا ومدغشقر وبريطانيا والهند وفرنسا، وتوالت المناقشات الحادة، ولم يفز اقتراح الانضمام إلى النقابات العالمية الحرة إلا بثلثي الأصوات فقط؛ لأن قسما كبيرا من العمال التونسيين وإن لم يكونوا شيوعيين إلا أنهم يرون في أمريكا الدولة التي تعزز الاستعمار الفرنسي بتونس، وتمدها بالسلاح الذي يفتك بالعمال التونسيين أنفسهم. وانضم هكذا الاتحاد إلى الجامعة العالمية للنقابات الحرة، وأصبح زعيمه الشهيد فرحات حشاد عضوا ممتازا في الهيئة الإدارية العالمية، ثم عوضه بعد موته نوري بودالي الذي انتخبه مؤتمر النقابات العالمية المنعقد في ستوكهولم (يوليو 1953) خلفا له.
وقد كان لانضمام الاتحاد إلى النقابات العالمية الحرة مفعوله الكبير في جلب أنصار يعدون بعشرات الملايين للقضية التونسية، وأصبح العمال في مؤتمراتهم العالمية أو في مؤتمراتهم الوطنية سواء بأمريكا أو بأوروبا أو بآسيا، يطالبون باستقلال تونس وبث الدعاية لها في بلدانهم ويساندون الاتحاد العام التونسي للشغل في عمله من أجل تحرير وطنه. (5-2) الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة
وهو يجمع كل من يشتغل بالتجارة والصناعة من تونسيين، وقد كتل أغلبيتهم الساحقة في نقابات، لكل مهنة واحدة منها، تشرف عليها اتحادات في الجهات المختلفة، مهمتها الأولى الدفاع عن مصالح أعضائها، ومهمتها الثانية - وهي لا تقل أهمية عن الأولى - توجيه الاقتصاد التونسي وإحياؤه، وتكوين المشاريع الإنشائية لتكون نواة لاقتصاد الغد. وقد شرع في تبديل الصناعات القديمة وإدخال التطور العصري عليها وتوجيه إنتاجها توجيها يماشي رغبات المجتمع. وقد تغير بالفعل في مدى شهور قليلة منظر بعض الأسواق التونسية التي عوضت البلغة (الحذاء المغربي القديم) بالأحذية العصرية، وكون شركات لمزاحمة الشركات الأجنبية مثالها شركة الثلج. وأحسن تنظيماته هي الشركات التعاونية كشركة إنتاج السجاد القيرواني وغيرها.
ويقوم أيضا بتنظيم معارض كبرى للبضائع والإنتاج الصناعي التونسي.
وكان عمله مثمرا جدا؛ إذ كتل الأغلبية الساحقة من التجار وأرباب الصنائع، حتى أصبح عدد أعضائه يفوق خمسة وخمسين ألفا، اجتمعوا في نقابات، وانتظمت النقابات بدورها في اتحادات جهوية. ويسير الاتحاد كله هيئة إدارية ينتخبها المؤتمر العام الذي يجمع ممثلين عن النقابات، ينتخبهم الأعضاء العاملون مباشرة.
فأصبح الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة بعد ثلاث سنوات، إحدى القوات الوطنية الكبرى يساند الحركة القومية مساندة فعالة، وقد تيقن ألا نهضة اقتصادية ممكنة في بلاد مستعمرة؛ ولذا كان مبدؤه هو التحرر الوطني والعمل لاستقلال تونس.
1 (5-3) الاتحاد العام للفلاحة التونسية
অজানা পৃষ্ঠা