بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.
الحمد لله الذي قص على نبيه صلى الله عليه وسلم من أنبياء الرسل والقرى ما ثبت به فؤاده مصبرا, وجعله له ولمن بعده عظة ومعتبرا , أفنى القرون الماضية وأباد الدول الخالية , فلم يبق إلا أخبارهم, ولا ترى إلا آثارهم, فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم, ( وتلك القرى نقصها عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ).
فلم يبق منهم غير نشر حديثهم ... ... = ... وما اكتسبوا من فعل محمدة وذم
قدموا على ما قدموا, وأسفوا على ما خلفوا, فما منهم من أحد إلا وهو يود أن يكون ما خلف في جملة ما أسلف, فمن قدم خيرا حمد عليه وله أجره, ومن قدم شرا ذم به وعليه وزره؛ نسأل الله أن يجعلنا من أول الفريقين؛ وأن يثيبنا على ذلك أجرين؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية؛ وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. اللهم صل وسلم على مهبط الوحي ومعدن الخصوصية سيد ولد آدم ولا فخر؛ إسوة كل راشد وقدوة كل مهتد؛ محمد ابن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة دائمة مدى الحقب.
( أما بعد ) فإنه لا يخفى على عاقل أن علم التاريخ مما يعين على الاقتداء بالصالحين ويرشد على طريقة المتقين, لأن فيه ذكر أخبار من مضى من صالح وطالح؛ فإذا سمع العاقل أخبار الصالحين اشتاقت نفسه إلى اقتناء آثارهم؛ وإذا سمع أخبار الطالحين أشفقت نفسه أن يكون من جملتهم؛ فتراه بذلك يقتفي آثار من صلح؛ ويتجنب أحوال من طلح؛ فيجاهد نفسه حق الجهاد؛ فيستحق بذلك من الله العون والتوفيق لقوله عز من قائل ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ).
পৃষ্ঠা ৩