(مسألة: ويدرك العقل بغير شرع حسن بعض الأفعال وقبحه) عند الله (بمعنى كونه موجب مدح فاعله أو ذمه عند الله لا استلزامه الثواب والعقاب) فلا يدركه العقل (إذ لو استلزم الحسن الجزاء لانتقض بأفعال الله) فإنها حسنه بالاتفاق ولا يدرك العقل استحقاق الله عليها ثوابا لغناه، وأما استحقاقه الشكر فهو المدح نفسه المتفق على إدراكه وليس بثواب (وبالأفعال الشرعية) فإنها حسنة بالاتفاق ولا يدرك العقل استحقاق فاعلها جزاء عليها، لأنها شكر (إذ الشاكر لا يستحق عقلا(1) جزاء على الشكر إذ الشكر نفسه جزاء ولا جزاء للجزاء )وإلا تسلسل وما أدى إليه فهو باطل (وقيل) أصحابنا (يدركهما ) أي المدح المستلزم للثواب والذم المستلزم للعقاب وهذا صحيح، لأن الذم مقتضي الإهانة وذلك نفس العقاب والمدح مقتضي التعظيم (ولا ينتقض بما سبق في حق الله ) لأن الثواب على التكاليف الشآقه، والله غير مكلف ولا يشق عليه شيء ( وعدم إدراك الجزاء بغير المدح) المستلزم للتعظيم أعني مقتضى التعظيم (وأما الأفعال الشرعية فليست جزاء)، لأن الجزاء ما كان على الأعمال الشآقه، وليست بشكر محض أيضا، وإن كان التفصيل من جهة الشرع والعقل لا يدرك إلا وجوب الشكر المطلق فكان الجزاء على امتثال المعين فظاهر، وما ورد عليه بأن امتثال العبد لأمر السيد لا يستحق عليه جزاء، لأن منافعه مستحقه لسيده وإن استحق مدحا بالطاعة لا يرد، لأنه قد سلم استحقاقه المدح وهو مقتضي التعظيم وهو المطلوب ثم لا يخفى أن هذه التمحلات غير مفيدة، ولا ساترة لادراك العقول استحقاق دوام الإحسان للمحسن يعرف ذلك...(2)خاليا من التعصب، ألا ترى وصايا الملوك والعقلاء الغير المتشرعين برفع منازل المحسن ودوامها وتجددها وعلى هذا مضت القرون ولولاه لما استقامت رعية لملك ولا خدم أحد فتأمل.
পৃষ্ঠা ২১