اثناء ذلك يحذرون الوعيد والعذاب العاجل إن أظهروا الكفر كما يحذرون الصواعق من الرعد فيضعون أصابعهم في آذانهم ارتياعا وانزعاجا في الحال ثم يعودون إلى الحيرة والضلال (حذر الموت): نصب على التمييز وتقديره (من حذر الموت) ويجوز ان يكون نصبا لانه مفعول له فكأنه قال: يفعلون هذا الاجل حذر الموت ويحتمل أن يكون نصبا على الحال والموت: ضد الحياة والاماتة: فعل بعده الموت والميتة: مالم تدرك ذكاته والميتة: الموت في حال مخصوص من ذلك ميتة سوء والموتان: وقوع الموت في المواشي وموتت المواشي: اذا كثر فيها الموت وموتان الارض: التي لم تزرع والحذر: طلب السلامة من المضرة وحذره تحذيرا وحاذره محاذرة والحذيرة: المكان الغليظ لانه يتحذر منه قوله: (محيط بالكافرين) يحتمل أمرين: احدهما - إنه عالم بهم - وإن كان عالما بغيرهم - إنما خصهم لما فيه من التهديد والثاني - إنه المقتدر عليهم - وان كان مقتدرا على غيرهم - لانه تقدم ذكرهم ولما فيه من الوعيد والمحيط: القادر.
قال الشاعر:
أحطنا بهم حتى اذا ما تيقنوا
بما قدروا مالوا جميعا إلى السلم
أي قدرنا عليهم فاما الاحاطة بمعنى كون الشئ حول الشئ مما يحيط به فلا يجوز على الله تعالى لانه من صفات الاجسام والذي يجوز الاحاطة بمعنى الاقدار والملك كما يقال: أحاط ملكك بمال عظيم: يعنون أنه يملك مالا عظيما ويقال حاطه يحوطه حوطا: اذا حفظه من سوء يلحقه ومنه الحائط لانه يحيط بما فيه واحاط به: جعل عليه كالحائط الدائر والاحتياط: الاجتهاد في حفظ الشئ
الآية: 20 - 29
قوله تعالى: يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه
وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير(20)
المعنى: معنى (يكاد): يقارب وفيه مبالغة في القرب وحذفت منه أن لانها للاستقبال قال الفرزدق:
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم
(يخطف) فيه لغتان يقال: خطف يخطف وخطف يخطف والاول أفصح وعليه القراء وروي عن الحسن (يخطف) - بكسر الخاء وكسر الطاء ويروى (يخطف) بكسر الياء والخاء والطاء والخطف: السلب ومنه الحديث أنه نهى عن الخطفة: يعني النهبة ومنه قيل الخطاف: والذي يخرج به الدلو من البئر (خطاف) لاختطافه واستلابه قال نابغة بني ذبيان:
خطاطيف حجن في حبال متينة
تمد بها أيد اليك نوازع(1)
جعل ضوء البرق وشدة شعاع نوره كضوء إقرارهم بألسنتهم بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله واليوم الآخر ثم قال: (كلما أضاء لهم مشوا فيه): يعني كلما أضاء البرق لهم وجعل البرق مثلا لايمانهم وإضاءة الايمان أن يروا فيه مايعجبهم في عاجل دنياهم من إصابة الغنائم والنصرة على الاعداء فلذلك أضاء لهم لانهم إنما يظهرون بألسنتهم ما يظهرونه من الاقرار ابتغاء ذلك ومدافعة عن انفسهم واموالهم كما قال: " ومن الناس من يعبدالله على حرف فان أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه "(2) (واذا أظلم عليهم): يعني
---
(1) خطاطيف: ج خطاف وحجن ج أحجن: وهو المعوج ونوازع ج نازع ونازعة من قولهم نزع الدلو من البئر ينزعها جذبها أخرجها.
(2) سورة الحج آية 11.
পৃষ্ঠা ৯৪