ومعنى (اسكن أنت وزوجك الجنة): اجعله مأوى تأوي فيه وتسكن اليه، وقد اعظم الله النعمة على آدم بما اختصه من علمه، وأسجد له ملائكته واسكنه جنته، وتلك نعمة على ولده، فالزمهم الشكر عليها، والقيام بحقها والجنة التي اسكن فيها آدم، قال قوم: هي بستان من بساتين الدنيا، لان جنة الخلد لا يصل اليها إبليس ووسوسته، واستدل البلخي على انها لم تكن جنة الخلد بقوله تعالى حكاية عن ابليس لما اغوى آدم، قال له: (هل أدلك على شجرة الخلد؟) فلو كانت جنة الخلد لكان عالما بها، فلم يحتج إلى دلالة.
وقال الحسن البصري وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء واكثر المعتزلة كأبي على والرماني وابي بكر بن الاخشيد وعليه اكثر المفسرين: انها كانت جنة الخلد، لان الالف واللام للتعريف وصار كالعلم عليها قالوا : ويجوز ان يكون وسوسة ابليس من خارج الجنة، فيسمعان خطابه ويفهمان كلامه، قالوا: وقول من يقول: ان جنة الخلد من يدخلها لا يخرج منها لا يصح، لان معنى ذلك إذا استقر اهل الجنة في الجنة للثواب، وأهل النار فيها للعقاب لا يخرجون منها، واما قبل ذلك فانها تغنى لقوله تعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه) (وزوجك الجنة) الزوج: بطرح الهاء.
قال الاصمعي: هو أكثر كلام العرب، وقال الكسائي: اكثر كلام العرب بالهاء، وطرح الهاء لغة لازد شنوءة، ولفظ القرآن لم يجئ إلا بطرح الهاء وقال المبرد: الوجه طرح الهاء من الزوجة وأنشد:
وأراكم لدى المحاماة عندي
مثل صوت الرجال للازواج
جمع زوج، ولايجوز ان يكون جمع زوجة.
وقال الرماني: قول الاصمعى أجود، لان لفظ القرآن عليه، والعلة في ذلك انه لما كانت الاضافة تلزم الاسم في اكثر الكلام كانت مشبهة له، وكانت بطرح الهاء افصح وأخف مع الاستغناء بدلالة الاضافة عن دلالة هاء التأنيث.
وقوله تعالى: (وكلا) فالاكل والمضغ واللقم متقاربة، وضد الاكل تفسير التبيان ج1
পৃষ্ঠা ১৫৪