ثم سكتت قليلا ولكنها لم تطق، فقصدت إلى ما تريد دون لف أو دوران. - وماله فهمي الفهلوي! أليس رجلا يستر عليك؟ واسمه على كل حال رجل في البيت بدل أن نبقى امرأتين وحيدتين! - وما شأني أنا يا أم؟
وفي سخرية مريرة قالت الأم: أخوك يريد لك رجلا متعلما. - وماله يا أم؟ - وماذا يفعل بك المتعلم؟ - وما عيبي؟
طيب يا أختي، يا فرحتي بك وبأخيك وبالمتعلمين الذين يرتمون تحت أقدامك وأقدام بسلامته حامد. - الله يا أم، وأنا ما ذنبي حتى تسخري مني، لم تقدري على الحمار قدرت على البردعة، الأمر أمر أخي، وهل خرجت عن طوعه؟ - يا بنتي نريد الستر، الستر يا بنتي، ربنا يستر. - أنا طوع أمركما، افعلا ما تريانه، ولو أني أريد أن أعمل في غياب أخي. - وماذا تعملين؟ هل معك الشهادة؟ - أي شيء، أليس لي يدان وأعرف القراءة والكتابة، سأعمل حتى أساعدك في المصاريف. - وهذه أيضا لا أدري كيف أدبرها، ليس لنا إلا المعاش، هيه، النهاية. - ألا ينوي أخي أن يرسل لك شيئا من أوروبا؟ - وكيف؟ إن ما سيناله يكفيه بالكاد، أمر الله، هو العالم.
وقبل أن تجيب دولت يدخل حامد، وقد أعد نفسه للتجهم الذي تلقاه به أمه في هذه الأيام حتى عوده. ويجلس حامد بعد أن يطلب إلى أخته أن تعد له فنجان قهوة. وتقوم أخته وهي تسمع أمها تقول له: بسلامتها تريد أن تعمل.
وتسمع أخاها يقول: وماذا تعمل؟
وتقول دولت وهي تغادر البهو: أي عمل؟
وتمص الأم شفتيها وهي تقول: حكم! - لو كان معها شهادة!
ويسكت الاثنان، فقد استنفدا في هذه الأيام كل نقاش يمكن أن يدور حول سفره، أو زواج أخته من فهمي، أو إرسال نقود من الخارج، لم يبق لهما موضوع يمكن أن يتناقشا فيه، لم يعد أمامهما إلا الصمت.
وعادت دولت بالقهوة وهي تقول: وأي عيب في أن أعمل يا أخي؟ - لا عيب، ولكن ماذا تعملين وأنت بلا شهادة؟ - ممرضة، مربية، أي عمل، وعلى كل حال أنا أقرأ وأكتب. - نعم أعرف. - اسمع والنبي يا حامد، لماذا لا تكلم تلميذك خيري، لعله يجد لي عملا؟ - سأفكر في الموضوع يا دولت، أشوف.
الفصل التاسع
অজানা পৃষ্ঠা