مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
مواقف النبي ﷺ في الدعوة إلى الله تعالى
প্রকাশক
مطبعة سفير
প্রকাশনার স্থান
الرياض
জনগুলি
وكانت هذه الشواهد السابقة لشجاعته القلبية، أما شجاعته العقلية فسأكتفي بشاهد واحد؛ فإنه يكفي عن ألف شاهد ويزيد، وهو موقفه من تعنت سهيل بن عمرو، وهو يملي وثيقة صلح الحديبية، إذ تنازل ﷺ عن كلمة <بسم اللَّه الرحمن الرحيم> إلى بسمك اللَّهم وعن كلمة <محمد رسول اللَّه> إلى كلمة: محمد بن عبد اللَّه، وقبوله شرط سهيل على أن لا يأتي النبي ﷺ رجل من قريش حتى ولو كان مسلمًا إلا رده إلى أهل مكة، وقد استشاط الصحابة غيظًا، وبلغ الغضب حدًّا لا مزيد عليه، وهو ﷺ صابر ثابت حتى انتهت الوثيقة، وكان بعد أيام فتحًا مبينًا.
فضرب ﷺ بذلك المثل الأعلى في الشجاعتين: القلبية، والعقلية، مع بعد النظر، وأصالة الرأي، وإصابته؛ فإن من الحكمة أن يتنازل الداعية عن أشياء لا تضر بأصل قضيته لتحقيق أشياء أعظم منها (١).
وجميع ما تقدم من نماذج من شجاعته ﷺ وثباته، وهذا نقطة من بحر، وإلا فإنه لو كُتِبَ في شجاعته ﷺ بالاستقصاء لكُتِبَ مجلدات،
فيجب على كل مسلم، وخاصة الدعاة إلى اللَّه ﷿ أن يتخذوا الرسول ﷺ قدوةً في كل أحوالهم وتصرفاتهم، وبذلك يحصل الفوز
_________
(١) انظر: وثيقة صلح الحديبية كاملة في البخاري مع الفتح، ٥/ ٣٢٩، (رقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢)، وشرح الوثيقة في الفتح، ٥/ ٣٣٣ - ٣٥٢، ومسند أحمد، ٤/ ٣٢٨ - ٣٣١، وانظر: هذا الحبيب يا محبّ، ص٥٣٢.
1 / 61