172

The Hereafter - Omar Abdelkafy

الدار الآخرة - عمر عبد الكافي

জনগুলি

أهمية عبادة الله حبًا إذًا: فالله ﷿ يريد منا أن نعبده عبادة حب؛ لأنه مدح حبيبه ﷺ فقال: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى:٦ - ٧]. سبحان الله، هل الرسول ﷺ ضل؟ أم أنت لم تتنبه لمدلولات اللغة؟ الضلال في اللغة: شدة الحب، وهو درجة من درجات الحب الكبير؛ لأن الرسول كان بحاثة عن الحقيقة واليقين؛ بدليل أنه كان في كل شهر رمضان يختلي بنفسه قبل البعثة يبحث عن الله ﷿؛ وكأنه يقول: الناس الذين يعبدون هذه الأصنام ليسوا على حق فدلني عليك يا رب السماء والأرض، دلني عليك يا من جعلت البحار زخارة بأمواجها، ونوارة بما فيها، يا من ترسل الرياح، يا من تصنع كذا وكذا، فقال له الله جل وعلا: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا﴾ [الضحى:٧] أي: شديد الحب لمعرفتنا فهديناك إلينا، وليس معناه: أن الرسول ضال بمعنى منحرف أو مخطئ، حاشى رسول الله أن يضل بهذا المعنى. احترام المخلوقات لسيد الخلق ﷺ أمر ظاهر، فهذه السيدة عائشة تقول: كنا نأتي بوحش بري في البيت عند رسول الله، ومعنى: وحش بري، أي: غير مستأنس، فيركض ويلعب في البيت، ويقطع السجاد، فقالت: أول ما يدخل النبي ﷺ يسكن الوحش بجواره حتى يخرج، أي: لا يريد أن يعمل فوضى يقلق بها الحبيب المصطفى ﵊، وهذا وحش بري غير مدرب أو معلم، لكن ربنا يعلمه من أجل حبيبه المصطفى ﷺ. فالله من رحمته لا يسمعنا عذاب أهل القبور، ومن الذي يسمع عذاب أهل القبور؟ يقول الرسول ﷺ: (كل المخلوقات تسمع عذاب أهل القبور، إلا الثقلين الإنس والجن) الذين هم مكلفون، لأنهم ما داموا مكلفين فلن يسمعوا عذاب أهل القبور من أجل أن تكون العبادة غيبية؛ لأن الله مدح المؤمنين في أول البقرة فقال: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة:٣]، وصل الأمر بسيدنا علي أن قال: لو كشف عني الحجاب لما ازددت من الله قربًا، وهذا كلام مرتفع جدًا، يعني: لو رفع الحجاب بين سيدنا علي وبين ربه، لما ازداد من الله قربًا؛ ليقينه في الله ﷿، فلا يريد إثباتات ولا براهين، ولا أدلة، وأحسن من قال: وفي كل شيء آية تدل على أنه الواحد لذلك عمر بن عبد العزيز وهو في النزع، قالوا: قل: لا إله إلا الله، فتبسم ونظر إلى السماء، وقال: ومتى نسيت ربي حتى تذكروني به. ذكرك في فمي جمالك في وجهي حبك في قلبي فكيف تغيب؟ ولسان حاله: كيف أنت دائمًا معي وأنا معك، هذه معية الله ﷿ التي بها كل خير.

9 / 5