أصول الدعوة - جامعة المدينة
أصول الدعوة - جامعة المدينة
প্রকাশক
جامعة المدينة العالمية
জনগুলি
دعوة القرآن اليهودَ للإيمان
وأما اليهود في المدينة فقد كانوا على علم ببعثة النبي ﷺ وكانوا يعلمون أن نبي آخر الزمان سيهاجر إليها فسبقوه إليها ليكونوا في استقباله، وكانت بينهم وبين أهل المدينة حُروب، فكانوا يخوّفونهم بالنبي ﷺ وأنهم سيؤمنون به ويتبعونه ويقتلونهم معه قتل عاد وإرم، فما هو أن بُعث ﷺ وهاجر إلى المدينة حتى كانوا أول كافر به؛ حسدًا من عند أنفسهم أن كان من بني إسماعيل وليس من بني إسرائيل، وفي ذلك يقول ربنا سبحانه: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ (البقرة: ٨٩، ٩٠) فكفروا بالنبي ﷺ مع أنهم كانوا يعرفونه جيدًا ويعرفونه صفاته مفصلة؛ لأن الله ﵎ وصفهم له في التوراة حتى قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ (البقرة: ١٤٦) ومع ذلك كانوا أول من كفر به، ولقد عملوا بلا كللٍ ولا ملل على القضاء على رسول الله ﷺ ودعوته، واستخدموا في ذلك أخسَّ الأساليب وأدنأها، فلجئوا إلى كتمان ما يعرفونه عن رسول الله ﷺ وتحريف ما في كتبهم مما يدل عليه، وأخذوا يهزئون به وبدينه، وأخذوا يُثيرون الشبهات على ضعاف المؤمنين وفتحوا أبوابهم للمنافقين وآووهم، ومع ذلك كله استمر النبي ﷺ في دعوتهم بالتي هي أحسن، وصبر على أذاهم وعفا عنهم حتى نقضوا عهده، فأجلى بعضهم عن المدينة وقتل بعضهم بسبب غدرهم وخيانتهم ونقضهم عهدهم من بعد ميثاق.
1 / 217