The Critique and Clarification in Dispelling the Illusions of Khuzayran
النقد والبيان في دفع أوهام خزيران
প্রকাশক
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
প্রকাশনার স্থান
فلسطين
জনগুলি
وأيضًا تنقطع حُجَّتهم بالمرة بالحديث الحسن المصرَّح فيه بالإنزال، هو: ما في «فتح الباري» (١) أن ما رواه أحمد من حديث عائشة: «قوموا إلى سيِّدكم، فأنزلوه» (٢) بسند حسن. قالوا: وعليه لم يبق وجهٌ على الاحتجاج به على القيام المتعارف (٣)
(١) (٧/٤١٢ و١١/٥١) .
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٤/٤٠٨-٤١١)، وأحمد (٦/٤١، ١٤٢)، وابن سعد (٣/٤٢١-٤٢٣)، وابن حبان (٦٩٨٩ - الإحسان) من حديث عائشة، وهو مطول جدًا، وفيه قصة، وإسناده حسن. وحسنه ابن حجر في «الفتح» (١٢/٣١٩-٣٢٠)، وقال الهيثمي في «المجمع» (٦/١٢٨): «رواه أحمد، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات» .
(٣) الاحتجاج بحديث «قوموا إلى سيدكم فأنزلوه» لا يصح على جواز القيام للقادم، وهذا التفصيل:
قال شيخنا العلامة الألباني ﵀ في «السلسلة الصحيحة» (١/٧٤٦ رقم ٦٧): «اشتهر رواية هذا الحديث بلفظ: «لسيدكم»، والرواية في الحديثين كما رأيت: «إلى سيدكم»، ولا أعلم للفظ الأول أصلًا، وقد نتج منه خطأ فقهي، وهو الاستدلال به على استحباب القيام للقادم كما فعل ابن بطال وغيره.
قال الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل في «التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها تصحيف وخطأ في تفسير معانيها، وتحريف في الكتاب الغريبين عن أبي عبيد= =الهروي» (ق١٧/٢): «ومن ذلك ما ذكره في هذا الباب من ذكر السيد، وقال كقوله لسعد، حين قال: «قوموا لسيدكم»؛ أراد: أفضلكم رجلًا.
قلت: والمعروف أنه قال: «قوموا إلى سيدكم»، قاله ﷺ لجماعة من الأنصار، لما جاء سعد بن معاذ محمولًا على الحمار، المتقدم عليهم، وإن كان غيره أفضل منه» .
ثم قال ﵀: «وقد اشتهر الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية القيام للداخل، وأنت إذا تأملت في سياق القصة؛ يتبين لك أنه استدلال ساقط من وجوه كثيرة: أقواها قوله ﷺ: «فأنزلوه»؛ فهو نص قاطع على أن الأمر بالقيام إلى سعد إنما كان لإنزاله من أجل كونه مريضًا، ولذلك قال الحافظ: «وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه، وقد احتج به النووي في كتاب القيام ...» ا. هـ.
وقال شيخ الإسلام ﵀ في «الفتاوى» (١/٣٧٤): «فهذا قيام للقادم من مغيبه تلقيًا له» .
أي: أنه ليس في موطن النزاع من قيام الشخص للداخل على صورة القيام لشخصه، وقال ابن الحاج في «المدخل» (١/١٦٦-١٧٠): «الحديث لا ينازع في صحته، وهو بين في القيام كما ذكر.
والجواب عنه من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنّ النبي ﷺ خص في الحديث الأمر بالقيام للأنصار، والأصل في أفعال القرب العموم، ولا يعرف في الشرع قربة تخص بعض الناس دون البعض؛ إلا أن تكون قرينة تخص بعضهم فتعم، كما هو معلوم مشهور.
فلو كان أمره ﵊ لهم بالقيام من طريق البر والإكرام لكان ﵊ أول من يبادر إليه ما ندب إليه، وهو المخاطب خصوصًا بخفض الجناح وأمته عمومًا، فلما لم يقم ﵊، ولا أمر بذلك المهاجرين، ولا فعلوه بعد أمره ﵊ للأنصار بذلك، دل على أنه ليس المراد به القيام للبر والإكرام، إذ لو كان ذلك كذلك، لاشترك الجميع في الأمر به وفي فعله، وإذا كان ذلك كذلك، فيحمل أمره ﵊ بالقيام على غير ذلك من الضرورات المحوجات لذلك، وذلك بيِّنٌ في قصة الحديث وبساطه، وذلك أن بني قريظة كانوا نزلوا على حكم سعد بن معاذ ﵁، وكان سعد بن معاذ إذ ذاك خلفه النبي ﷺ بالمدينة في المسجد مثقلًا بالجراح، لم يملك نفسه أن يخرج، وترك له النبي ﷺ عجوزًا تخدمه، فلما= =أن نزلت بنو قريظة على حكمه، أرسل النبي ﷺ خلفه، فأتي به على دابة وهم يمسكونه يمينًا وشمالًا لئلا يقع عن دابته، فلما أن أقبل عليهم، قال النبي ﷺ للأنصار إذ ذاك: «قوموا إلى خيركم أو إلى سيدكم»؛ أي: «قوموا فأنزلوه عن الدابة»، وقد ورد معنى ما ذكر في رواية أخرى، وهو أن النبي ﷺ أمرهم بالقيام إليه لينزلوه على دابة لمرض به. انتهى.
لأن عادة العرب جرت أن القبيلة تخدم سيدها، فخصهم النبي ﷺ بتنزيله وخدمته على عادتهم المستمرة بذلك، فإن قال قائل: لو كان المراد به ما ذكرتم، وهو الإنزال عن الدابة، لأمر ﵊ بذلك من يقوم بتلك الوظيفة وهم ناس من ناس، فلما أن عمهم، دل على المراد به الجميع، إذ أن ببعضهم تزول الضرورة الداعية إلى تنزيله، فالجواب: أنه ﵊ فعل ذلك على عادته الكريمة، وشمائله اللطيفة المستقيمة؛ لأنه ﵊ لو خص أحدًا منهم بالقول والأمر، لكان في ذلك إظهارًا لخصوصيته على غيره من قبيلته، فيحصل بسبب ذلك لمن لم يأمره انكسار خاطره، في كونه لم يأمر بذلك، وكانت إشارته ﵊ أو نظره أو أمره عندهم من أكبر الخصوصية، فأمره ﵊ لهم بذلك عمومًا تحفظًا منه ﵊ أن ينكسر خاطر أحد منهم، أو يتغير، فكان ذلك في حقهم مثل فرض الكفاية، من قام به أجزأ عن الباقين، فهذا الذي ينبغي أن يحمل عليه الحديث للقرائن التي قارنته وهي هذه، وما تقدم من أن أفعال القرب تعم ولا تخص قبيلة دون أخرى، وقد اختلفت الرواية في أمره -عليه الصلاة السلام- بذلك، هل كان للأنصار خصوصًا -وهو المشهور-، أو للمهاجرين والأنصار؟ وما وقع من الجواب يعم القبيلتين وغيرهما.
الوجه الثاني: أنه غائب قدم، والقيام للغائب مشروع.
الوجه الثالث: أنه ﵊ أمرهم بالقيام لتهنئته بما خصه الله به من هذه التولية والكرامة بها دون غيره، والقيام للتهنئة مشروع» ا. هـ.
ثم قال ﵀:
«إن كل أمر ندبك الشرع أن تمشي إليه، لأمر حدث عنده مما تقدم ذكره، أو ما أشبه ذلك، فلم تفعل حتى قدم عليك المتصف بذلك، فالقيام إليه إذ ذاك عِوَضٌ عن الشيء الذي فات، والله الموفق للصواب، فقد حصل على القيام لسعد ﵁ من القسم المندوب لتهنئته بما أولاه الله -تعالى- من نعمته بتلك التولية المباركة.
وأما قوله -أي: النووي-: «وقد احتج بهذا الحديث العلماء والفقهاء»، فقد ذكر= = ﵀ من احتج به، وهو أبو داود ومسلم، وهذا ليس فيه حجة؛ لأنّ المحدثين دأبهم أبدًا في الحديث هذا، وهو أنهم ينظرون إلى فقه الحديث، فيبوبون عليه، ويذكرون فوائد في تراجمهم، جملة من غير تفصيل، كما قالوا في البخاري ﵀: «جل فقهه في تراجمه»، وكذلك غيره من المحدثين، ولا يتعرضون في غالب أمرهم إلى التفصيل بالجواز أو المنع أو الكراهة أو غير ذلك، إنما شأنهم سياق الحديث على ما هو عليه، والفقهاء يتعرضون لذلك كلِّه، ألا ترى أن أبا داود ﵁ قد بوب على غير هذا الحديث، وهو الحديث الذي وقع النهي فيه عن القيام، فقال: «باب كراهة القيام للناس»، بل يؤخذ من ترجمته وتبويبه على الحديثين، أن فقهه اقتضى منع القيام؛ لأنه لما أن ذكر الحديث الذي يستدل به على القيام، لم يقل: «باب ما جاء في فضل القيام»، ولا: «استحباب القيام»، ولا: «جواز القيام»، بل قال: «باب ما جاء في القيام»، ولم يزد، ولما أن ذكر الحديث الآخر، قال: «باب كراهة القيام للناس»، فيلوح من فحوى خطابه أنه يقول بالكراهة، ولا يقول بالجواز، وهذا كله بيِّنٌ واضح، والله أعلم.
وإذا لم نقل بفحوى الخطاب، ولم نأخذ منه الحكم، فلا سبيل إلى أن نحكم بأنه أخذ بأحد الحديثين وترك الآخر إلا بقرينة، والقرينة قد دلت على ما ذكر، والله الموفق» . ا. هـ.
وقال صديق بن حسن ﵀ في «الدين الخالص» (٤/٤٤٧-٤٤٩):
«وحمل النووي حديث سعد على جواز القيام التعظيمي في رسالة مستقلة له في هذه المسألة، وما أبعد حمله على ذلك، ويأباه السياق والسباق، بل المراد: قوموا لإعانته في النزول عن الحمار، إذ كان به مرض وأثر جرح أكحله يوم الأحزاب، ولو أراد تعظيمه لقال: «قوموا لسيدكم» .
ومما يؤيده تخصيص الأنصار، والتنصيص على السيادة المضافة، وقد تقدم أن أصحابه ﷺ ما كانوا يقومون تعظيمًا له، مع أنه سيد الخلق؛ لما يعلمون من كراهته لذلك ... قال العلامة الشوكاني في «الفتح الرباني»:
ليعلم أولًا، أن محل النزاع القيام المقيد بالتعظيم لا المطلق، وقد دل على تحريم الأول حديث أبي أمامة المذكور.
ولا يخفى عليك أن مناط النهي -ها هنا- هو التعظيم المصرح به، وقد شهد لهذا: حديث مسلم، ولهذا أورده المنذري في هذا البحث ...
ويشهد له -أيضًا-: حديث التمثل، فإنه محمول على التعظيم، حمل المطلق على المقيد. =
= ... ثم اختار ﵀ عدم جواز القيام الخالي عن التعظيم، سواء كان الباعث عليه المحبة أو الإكرام أو الوفاء بحق القاصد، كالقيام للمصافحة أو غير ذلك، على أنه قيل في حديث سعد أن أمره أصحابه بالقيام كان لإعانته على النزول عن ظهر مركوبه، لضعفه عن النزول بسبب جراحه» ا. هـ.
وانظر كلام علي القاري الآتي، والله الهادي.
1 / 220