وَجه آخر وَبِهَذَا يُمكن الحكم بَين النَّاس وَإِلَّا فَلَو اعْتبر فِي شُهُود كل طَائِفَة أَن لَا يشْهد عَلَيْهِم إِلَّا من يكون قَائِما بأَدَاء الْوَاجِبَات وَترك الْمُحرمَات كَمَا كَانَت الصَّحَابَة لبطلت الشَّهَادَات كلهَا أَو غالبها
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر وَيتَوَجَّهُ أَن تقبل شَهَادَة المعروفين بِالصّدقِ وَإِن لم يَكُونُوا ملتزمين للحدود عِنْد الضَّرُورَة مثل الْجَيْش وحوادث البدو وَأهل الْقرى الَّذين لَا يُوجد فيهم عدل وَله أصُول مِنْهَا قبُول شَهَادَة أهل الذِّمَّة فِي الْوَصِيَّة فِي السّفر إِذا لم يُوجد غَيرهم وَشَهَادَة بَعضهم على بعض فِي قَول وَمِنْهَا شَهَادَة النِّسَاء فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال وَشَهَادَة الصّبيان فِيمَا لَا يشهده الرِّجَال
وَيظْهر ذَلِك بالمحتضر فِي السّفر إِذا حَضَره اثْنَان كَافِرَانِ وَاثْنَانِ مسلمان يصدقان ليسَا بملازمين للحدود أَو اثْنَان مبتدعان فهذان خير من الْكَافرين والشروط الَّتِي فِي الْقُرْآن إِنَّمَا هِيَ فِي استشهاد التَّحَمُّل للْأَدَاء وَيَنْبَغِي أَن نقُول فِي الشُّهُود مَا نقُول فِي الْمُحدثين وَهُوَ أَنه من الشُّهُود من تقبل شَهَادَته فِي نوع دون نوع أَو شخص دون شخص كَمَا أَن الْمُحدثين كَذَلِك
ونبأ الْفَاسِق لَيْسَ بمردود بل هُوَ مُوجب للتبين والتثبت كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ وَفِي الْقِرَاءَة الْأُخْرَى / فتثبتوا / فعلينا التبين والتثبت وَإِنَّمَا أَمر بالتبين عِنْد خبر الْفَاسِق الْوَاحِد وَلم يَأْمر بِهِ عِنْد خبر الْفَاسِقين وَذَلِكَ أَن خبر الِاثْنَيْنِ يُوجب من الِاعْتِقَاد مَا لَا يُوجب خبر الْوَاحِد أما إِذا علم أَنَّهُمَا لم يتواطآ فَهَذَا قد يحصل بِهِ الْعلم
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر شُرُوط الْقَضَاء تعْتَبر حسب الْإِمْكَان وَيجب تَوْلِيَة الأمثل فالأمثل وعَلى هَذَا يدل كَلَام أَحْمد وَغَيره فيولي لعدم أَنْفَع الْفَاسِقين وأقلهما شرا وَأَعْدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد وَإِن كَانَ أَحدهمَا أعلم وَالْآخر أورع قدم فِيمَا قد يظْهر حكمه وَيخَاف الْهوى فِيهِ الأورع وَفِيمَا ينْدر حكمه وَيخَاف فِيهِ
1 / 99