أَن مَالِكًا حدث بِالصَّحِيحِ عِنْده وَترك مَا لم يَصح فقد أحسن وَكَذَلِكَ كل من حدث بِمَا صَحَّ عِنْده كسفيان وَشعْبَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَإِن أَرَادوا أَنه حدث بالسقيم وَترك الصَّحِيح فقد نزهه الله عَن ذَلِك وَكَذَلِكَ إِن أَرَادوا أَنه حدث بِصَحِيح وَسَقِيم وَترك صَحِيحا وسقيما فَبَطل مَا أَرَادوا أَن يمدحوه بِهِ وَكَانَ ذما عَظِيما لَو صَحَّ عَلَيْهِ وَأَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك
وممايدل على كذب من قَالَ هَذَا أَن الْمُوَطَّأ أَلفه مَالك بعد موت يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ بِلَا شكّ وَكَانَت وَفَاة يحيى فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ومئة وَلم يزل الْمُوَطَّأ يرويهِ عَن مَالك مُنْذُ أَلفه طَائِفَة بعد طَائِفَة وَأمة بعد أمة
وَآخر من رَوَاهُ عَنهُ من الثِّقَات أَبُو المصعب الزُّهْرِيّ لصِغَر سنه وعاش بعد موت مَالك ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة وموطؤه أكمل الموطآت لِأَن فِيهِ خمس مئة حَدِيث وَتِسْعين حَدِيثا بالمكرر أما بِإِسْقَاط التّكْرَار فَخمس مئة حَدِيث وَتِسْعَة وَخَمْسُونَ حَدِيثا
وَكَانَ سَماع ابْن وهب للموطأ منمالك قبل سَماع أبي المصعب بدهر وَكَذَلِكَ سَماع ابْن الْقَاسِم ومعن بن عِيسَى وَلَيْسَ فِي موطأ ابْن الْقَاسِم إِلَّا خمس مئة حَدِيث وَثَلَاثَة أَحَادِيث وَفِي موطأ ابْن وهب كَمَا فِي موطأ أبي المصعب وَلَا مزِيد فَبَان كذب هَذَا الْقَائِل
قَالَ عَليّ وَأول من ألف فِي جمع الحَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة وَمعمر ثمَّ مَالك ثمَّ تلاهم النَّاس وَنحن نحمد ذَلِك من فعلهم ونقول إِن لَهُم وَلمن فعل فعلهم أعظم الْأجر لعَظيم مَا قيدوا من السن وَكثير مَا بينوا من الْحق وَمَا رفعوا من الْإِشْكَال فِي الدّين وَمَا فَرجوا بِمَا كتبُوا من حكم الِاخْتِلَاف فَمن أعظم أجرا مِنْهُم جعلنَا الله بمنه مِمَّن تَبِعَهُمْ فِي ذَلِك بِإِحْسَان
وَأما رد عمر لحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس فقد خالفته هِيَ وَهِي من المبايعات الْمُهَاجِرَات الصواحب فَهُوَ تنَازع بَين أولي الْأَمر وَلَيْسَ قَول أَحدهمَا بِأولى من
1 / 72