وَأَن ابْن عَبَّاس لم يلْتَفت إِلَى رِوَايَة أبي هُرَيْرَة فِي الْوضُوء مِمَّا مست النَّار وَلَا إِلَى رِوَايَة عَليّ فِي النَّهْي عَن الْمُتْعَة وَلَا إِلَى رِوَايَة أبي سعيد فِي النَّهْي عَن الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ يدا بيد
وَابْن عمر ذكرت لَهُ رِوَايَة أبي هُرَيْرَة فِي كلب الزَّرْع فَقَالَ إِن لأبي هيرة زرعا وَذكروا نَحْو هَذَا عَن نفر من التَّابِعين
قَالَ عَليّ وَقَوْلهمْ هَذَا داحض بالبرهان الظَّاهِر وَهُوَ أَن يُقَال لمن ذمّ الْإِكْثَار من الرِّوَايَة أخبرنَا أخير هِيَ أم شَرّ وَلَا سَبِيل إِلَى وَجه ثَالِث فَإِن قَالَ هِيَ خير فالإكثار من الْخَيْر خير وَإِن قَالَ هِيَ شَرّ فالقليل من الشَّرّ شَرّ وهم قد أخذُوا بِنَصِيب مِنْهُ
أما نَحن فَنَقُول إِن الْإِكْثَار مِنْهَا لطلب مَا صَحَّ هُوَ الْخَيْر كُله ثمَّ نقُول لَهُم عرفونا حد الْإِكْثَار من الرِّوَايَة المذموم عنْدكُمْ لنعرف مَا تَكْرَهُونَ وحد الإقلال الْمُسْتَحبّ عنْدكُمْ فَإِن حدوا لذَلِك حدا كَانُوا قد قَالُوا بِغَيْر برهَان وَبِغير علم وَإِن لم يحدوا فِي ذَلِك حدا كَانُوا قد وَقَعُوا فِي أسخف منزلَة إِذْ لَا يَدْرُونَ مَا يُنكرُونَ
وَالْحق أَن الْخَيْر كُله فِي التفقه فِي الْآثَار وَالْقُرْآن وَضبط مَا رُوِيَ عَن النَّبِي ﷺ وَقد حض النَّبِي ﷺ على أَن يبلغ عَنهُ وَهَذَا هُوَ التفقه والنذارة الَّتِي أَمر الله تَعَالَى بهَا
وليت شعري إِذا كَانَ الْإِكْثَار من الرِّوَايَة شرا فَأَيْنَ الْخَيْر أَفِي التَّقْلِيد الَّذِي لَا يلتزمه إِلَّا جَاهِل أَو متجاهل أم فِي التحكم فِي دين الله بالآراء الَّتِي قد حذر الله تَعَالَى مِنْهَا وزجر النَّبِي ﷺ عَنْهَا
وَقد زعم بَعضهم أَن مَالِكًا كَانَ يسْقط من الْمُوَطَّأ كل سنة وَأَنه لم يحدث بِكَثِير مِمَّا عِنْده وَهَذَا حَال من يُرِيد أَن يمدح فيذم وَيُرِيد أَن يَبْنِي فيهدم فَإِن أَرَادوا
1 / 71