نعم لَو تعلق بِهَذَا من يشْتَرط عدد الشَّهَادَة فليزمه اشْتِرَاطه ثَلَاثَة ويلمه أَن تكون فِي جمع يسكت عَلَيْهِ الْبَاقُونَ لِأَنَّهُ كَذَلِك كَانَ
أما توقف أبي بكر فِي حَدِيث الْمُغيرَة فِي تَوْرِيث الْجدّة فَلَعَلَّهُ كن هُنَاكَ وَجه اقْتضى التَّوَقُّف وَرُبمَا لم يطلع عَلَيْهِ أحد أَو لينْظر أَنه حكم مُسْتَقر أَو مَنْسُوخ أَو ليعلم هَل عِنْد غَيره مثل مَا عِنْده ليَكُون الحكم أوكد أَو خلَافَة فيندفع أَو توقف فِي انْتِظَار استظهار بِزِيَادَة كَمَا يستظهر الْحَاكِم بعد شَهَادَة اثْنَيْنِ على جزم الحكم إِن لم يُصَادف الزِّيَادَة لَا على عزم الرَّد أَو أظهر التَّوَقُّف لِئَلَّا يكثر الْإِقْدَام على الرِّوَايَة عَن تساهل وَيجب حمله على شَيْء من ذَلِك إِذْ ثَبت مِنْهُ قطعا قبُول خبر الْوَاحِد وَترك الْإِنْكَار على الْقَائِلين بِهِ
وَأما رد حَدِيث عُثْمَان فِي حق الحكم بن أبي الْعَاصِ فَلِأَنَّهُ خبر عَن إِثْبَات حق لشخص فَهُوَ كَالشَّهَادَةِ لَا تثبت بقول وَاحِد أَو توقفا لأجل قرَابَة عُثْمَان من الحكم وَقد كَانَ مَعْرُوفا بِأَنَّهُ كلفب أَقَاربه فتوقفا تَنْزِيها لعرضه ومنصبه من أَن يَقُول متعنت إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِقَرَابَتِهِ حَتَّى يثبت ذَلِك بقول غَيره أَو لعلهما توقفا ليسنا للنَّاس التَّوَقُّف فِي حق الْقَرِيب الملاطف ليتعلم مِنْهُمَا التثبت فِي مثله
وَأما خبر أبي مُوسَى فِي الاسْتِئْذَان فقد كَانَ مُحْتَاجا إِلَيْهِ ليدفع بِهِ سياسة عمر عَن نَفسه لما انْصَرف عَن بَابه بعد أَن قرع ثَلَاثًا كالمترفع عَن المثول بِبَابِهِ فخاف أَن يصير ذَلِك طَرِيقا لغيره إِلَى أَن يروي الحَدِيث على حسب غَرَضه بِدَلِيل أَنه لما رَجَعَ مَعَ أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَشهد لَهُ قَالَ عمر إِنِّي لم أتهمك وَلَكِنِّي خشيت أَن يتقول النَّاس على رَسُول الله ﷺ وَيجوز للْإِمَام التَّوَقُّف مَعَ انْتِفَاء التُّهْمَة لمثل هَذِه الْمصلحَة كَيفَ وَمثل هَذِه الْأَخْبَار لَا تَسَاوِي فِي الشُّهْرَة وَالصِّحَّة أحاديثنا فِي نقل الْقبُول عَنْهُم
1 / 69