مقدمه المؤلف
بسم الله الرّحمن الرّحيم قال عبد الله بن مسلم بن قتيبة:
الحمد لله الذي نهج لنا سبل الرّشاد، وهدانا بنور الكتاب، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا [الكهف: ١] بل نزّله قيّما مفصّلا بيّنا لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) [فصلت: ٤٢] وشرّفه، وكرّمه، ورفعه وعظّمه، وسماه روحا ورحمة، وشفاء وهدى، ونورا.
وقطع منه بمعجز التّأليف أطماع الكائدين، وأبانه بعجيب النّظم عن حيل المتكلّفين، وجعله متلوّا لا يملّ على طول التّلاوة، ومسموعا لا تمجّه الآذان، وغضّا لا يخلق على كثرة الرد، وعجيبا.
لا تنقضي عجائبه، ومفيدا لا تنقطع فوائده، ونسخ به سالف الكتب.
وجمع الكثير من معانيه في القليل من لفظه، وذلك معنى
قول رسول الله، ﵌: «أوتيت جوامع الكلم» «١» .
فإن شئت أن تعرف ذلك فتدبر قوله سبحانه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) [الأعراف: ١٩٩] كيف جمع له بهذا الكلام كل خلق عظيم، لأن في (أخذ
_________
(١) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في المساجد حديث ٧، ٨، وأحمد في المسند ٢/ ٢٥٠، ٣١٤، ٤٤٢، ٥٠١، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٧٢، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٧/ ١١٣، وأبو نعيم في دلائل النبوة ١/ ١٤، وسعيد بن منصور في سننه ٢٨٦٢، وابن أبي شيبة في مصنفه ١١/ ٤٨٠، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٢٠٦٨، والعجلوني في كشف الخفا ١/ ١٤، ٣٠٨. وأخرجه بلفظ: «بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب» . البخاري ٤/ ٦٥، ٩/ ٤٧، ١١٣، ومسلم في المساجد حديث ٦، والنسائي في المجتبى ٦/ ٣، ٤، وأحمد في المسند ٢/ ٢٦٤، ٤٥٥، والشهاب في مسنده ٥٧٠، ٥٧١، والسيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٥٦، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٤٥٦، وابن كثير في البداية والنهاية ٤/ ١٠٢، ٦/ ٤٨، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٧/ ١١٣، وابن حجر في فتح الباري ١٢/ ٣٩١، ٤٠١، ١٣/ ٢٤٧، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار ٢/ ٣٦٥، والتبريزي في مشكاة المصابيح ٥٧٤٩، وأبو عوانة في المسند ١/ ٣٩٥، وابن عبد البر في التمهيد ٥/ ٢١٩، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣١٨٩٩، والقرطبي في تفسيره ١٠/ ٤٩.
1 / 11