وهذا يعني أن روايات الضم المذكورة إن كان لها حظ من الثبوت فإن علماء الصدر الأول فهموا أن المراد بها شيئا غير الضم في صلاة الفريضة.
ولم ينصف صاحب (الروضة الندية) حين قال بعد ذكره للتابعين القائلين بالإرسال: فإن بلغ عندهم حديث الوضع، فمحمول على أنهم لم يحسبوه سنة من سنن الهدى، بل حسبوه عادة من العادات، فمالوا إلى الإرسال لأصالته، مع جواز الوضع، فعملوا بالإرسال بناء على الأصل، إذ الوضع أمر جديد يحتاج إلى دليل، وإذ لا دليل لهم، فاضطروا إلى الإرسال، لا أنه ثبت عندهم(1).
فهذا كلام غير صحيح؛ لأن من البعيد أن سادات السلف وكبار التابعين لم تبلغهم أحاديث الضم، ولكنها إما لم تكن موجودة، أو أنهم كانوا يضعفونها، أو يحملونها على محمل آخر، ومالوا إلى الإرسال لكونه المشروع دون غيره.
hg
الباب الثاني في: الضم
مدخل
الضم، هو: وضع إحدى اليدين على الأخرى أثناء القيام في الصلاة، ويسميه البعض: التكتف، أو التكفير، وهو عند القائلين بشرعيته مجرد هيئة مندوبة، لا يؤثر تركه في صحة الصلاة.
وسأذكر في هذا الباب الذاهبين إلى شرعيته وما اختلفوا فيه من صفته، مسندا ذلك إلى أمهات كتبهم.
ثم استعرض أدلتهم التي اعتمدوا عليها معلقا عليها بما يلتزمه المحدثون من أصول النقد وتقييم الأخبار، معتمدا في ذلك على النقل من كتبهم المشهورة، وأشير في الهامش إلى اسم الكتاب ورقم الجزء والصفحة، وسأبين في آخر هذا البحث الطبعات التي اعتمدتها لتلك الكتب.
وسيلحظ القارئ أنني تعمدت كشفت كثير من العلل التي قد يمر عليها بعض الباحثين مرور الكرام، وما ذلك إلا لأبين الجانب المفقود من البحث في هذه المسألة، لأن كثيرا ممن تطرق للبحث فيها أغفل جانب النقد وتغاضى في التقييم، مع أنني لم أهمل ذكر أقوال المصححين لبعض الروايات، وذلك ما سيجده القارئ في أثناء البحث، ومن الله أستمد العون والسداد.
পৃষ্ঠা ৩১