وحق المقتول لا يمكن الوفاء به في الدنيا؛ فإن حسنت توبة القاتل، وقدم نفسه لأهل المقتول فإن الله يرفع عنه ذلك الحق، ويعوض المقتول يوم القيامة خيرا من عنده_عز وجل_.
قال ابن القيم×في هذه المسألة: =فالصواب_والله أعلم_أن يقال: إذا تاب القاتل من حق الله، وسلم نفسه طوعا إلى الوارث؛ ليستوفي منه حق موروثه_سقط عنه الحقان، وبقي حق الموروث لا يضيعه الله، ويجعل من تمام مغفرته للقاتل تعويض المقتول؛ لأن مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله.
والتوبة النصوح تهدم ما قبلها، فيعوض هذا عن مظلمته، ولا يعاقب هذا؛ لكمال توبته.
وصار هذا كالكافر المحارب لله ولرسوله إذا قتل مسلما في الصف، ثم أسلم، وحسن إسلامه؛ فإن الله_سبحانه_يعوض هذا الشهيد المقتول، ويغفر للكافر بإسلامه، ولا يؤاخذه بقتل المسلم ظلما؛ فإن هدم التوبة لما قبلها كهدم الإسلام لما قبله.
وعلى هذا إذا أسلم نفسه، وانقاد، فعفا عنه الولي، وتاب القاتل توبة نصوحا_فالله_تعالى_يقبل توبته، ويعوض المقتول.
فهذا الذي يمكن أن يصل إليه نظر العالم واجتهاده، والحكم بعد ذلك لله[إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم] النمل: 78 (120)+.
5_ توبة العاجز عن المعصية: إذا حيل بين العاصي وبين أسباب المعصية، فعجز عنها، بحيث يتعذر وقوعها منه_فهل تصح توبته إذا تاب؟
وذلك كحال السارق إذا قطعت أطرافه الأربعة، وكالزاني إذا جب، أو عجز عن ممارسة الزنا، وكحال من وصل إلى حد بطلت معه دواعيه إلى معصية كان يرتكبها، كمن يحكم عليه بالسجن المؤبد، أو كمن حكم عليه بالقتل وهو ينتظر موعد التنفيذ، ونحو ذلك مما شاكله وجرى مجراه؛ فهل للواحد من هؤلاء توبة مع أنه قد حيل بينه وبين ما كان يفعله من معاص؟
পৃষ্ঠা ৫৪