فلا بد_إذا_من أن نكون على مرقبة من دعايتهم، وننفق ساعات في التنبيه على أغلاطهم؛ لعلهم ينصاعون إلى رشدهم، أو لعل الأمة تحذر عاقبة هذا الذي يبدو على أفواههم(101).
فحقيق على هؤلاء أن يؤوبوا إلى رشدهم، وأن يقدموا لأمتهم ما يرفع عنها الذلة والتبعية، وأن يبحثوا في سبل رقيها وفلاحها.
وإن من أعظم ما يعينهم على ذلك أن يدرسوا الإسلام دراسة واعية متأنية من مصادره الأصيلة، وأن يكون لديهم من الشجاعة الأدبية والأمانة العلمية_ما يبعثهم إلى الرجوع إلى الحق والاعتزاز به.
أما السير في ركاب الغرب، والأخذ بكل ما يصدر منه دونما تمحيص_فذلك محض الهوان، وعنوان التخلي عن العزة والكرامة؛ فالأمة العزيزة هي التي تعرف مقدار ما تعطي، ومقدار ما تأخذ، ونوع ما تعطي ونوع ما تأخذ، وهي التي تعد نفسها بكل ما أوتيت من قوة؛ حتى تحمي رأيها فيما تأخذ وما تدع، وما تعطي وما تمنع.
ورحم الله الشيخ محمد الخضر حسين إذ يقول:
كنا بدور هداية ما من سنى
إلا ومن أنوارها يستوقد
كنا بحور معارف ما من حلى
إلا ومن أغوارها يتصيد
كنا جلاء للصدور من القذى
ولواؤنا بيد السعادة يعقد
ما صافحت راحاتنا دوحا ذوى
إلا وأينع منه غصن أغيد
ومن احتمى بطرافنا السامي الذرا
آوى إلى الحرم الذي لا يضهد
لا يمتري أهل التمدن أنهم
لو لم يسيروا إثرنا لم يصعدوا
فسلوا متى شئتم سراتهم فما
من أمة إلا لنا فيها يد
لا فخر في الدنيا بغير مجادة
تعنو لها الأمم العظام وتسجد
لكننا لم نرع فيها حرمة
بذمامها منا الرقاب تقلد
أخذت مطيات الهوى تحدو بنا
في كل لاغية كساعة نولد
حتى انزوى من ظلها الممدود ما
فيه مقام يستطاب ومقعد
أبناء هذا العصر هل من نهضة
تشفي غليلا حره يتصعد(102)
ورحم الله الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي إذ يقول:
فأين الذي رفعته الرماح
وأين الذي شيدته القضب
وأين شواهق عز لنا
পৃষ্ঠা ৪২