[خروجه من الكوفة وسفره إلى المدينة وبيعته]
وما خرج من الكوفة إلا بقرض، وما كسوته إلا جبة عليه وإزار كان لفراشه، ثم قدم المدينة وأقام بها حتى ولي موسى الهادي، فأمر على المدينة رجلا من ولد عمر بن الخطاب، فأساء إلى الطالبيين وسامهم خسفا فأستأذنه فتى منهم في الخروج إلى موضع لبعض أمره، فأجله أجلا وأخذ به كفالة الحسين بن علي، فلما مضى الأجل طالبه به فسأله النظرة فأبى، وغلظ عليه، وأمر بحبسه وأسمعه، فلما أمسى قال: أأجلك هذه الليلة وأخلي سبيلك وآخذ عليك يمينا مؤكدة لتأتينى به غدا، فحلف له على ذلك ليأتينه حتى يلقاه، وأضمر الخروج، فلما أعتم خرج إلى البقيع ، وجمع أهله وأعلمهم بما عزم عليه، فبايعوه.
قال أبو الحسن المدايني: كان مخرج الحسين بن علي صاحب فخ يوم السبت لبضع عشرة من ذي القعدة، سنة تسع وستين ومائة، وكان رجلا سخيا متوسعا، لا يكبر شيء تسأله إياه، وكان يأتيه ناس كثير، وكان يحمل على نفسه المؤن حتى أجحف ذلك به، فصار إلى أن باع مواريثه في كل وجه كان له فيه شيء، وكان له عين ذي النخيل، وكان ذو النخيل منزلا ينزله من خرج من المدينة إلى العراق، ومن قدم من العراق إلى المدينة من الحاج وغيرهم، وكانوا يشربون من عين الحسين، فتنافسها الناس وحرصوا عليها، فكان حسين يدان عليها، فلم ينزع عن الدين فيها حتى صار عليه سبعون ألف دينار، وفي رواية أخرى تسعون ألف دينار، وأمسك عنه عنده، فلم يكن يبايع، فبعث المعلا مولى المهدي فاشتراها منه بسبعين ألف دينار، وكان غرماؤه قد وعدوه الصلح والوضيعة، فكتب صاحب البريد بمكة والمدينة، فدعا المهدي بالمعلا فسأله عن العين وشرائه إياها، فأقر له به.
فقال الربيع: يا أمير المؤمنين هذه قوة الحسين بن علي على الإفساد، وهو من لايؤمن على حدث يحدثه.
পৃষ্ঠা ৪১৬