وكان عليه السلام من المحدثين قد حنكته (التجارب للأمور)(1)، وتصاريف الحوادث والدهور، ومن ذلك تأخيره حرب الباطنية حتى تمكن منهم ثم وثب عليهم فمكنه الله تعالى من مخابئهم، وسلطه الله على قاصيهم ودانيهم، واستأصل شأفتهم عن بكرة أبيهم.
وقد كان الناس يقولون ما سبب تأخير قتالهم وعاتبوه عليه السلام في ذلك بالأشعار في إمهالهم مع ظهور عصيانهم لله تعالى وللإمام.
وأما شجاعته عليه السلام فكم له من مقامات حارت عنه الأبطال ويوم تشيب فيه نواصي صناديد الرجال، فوقائعه بالظالمين مشهورة، وسطواته بالمجرمين مسطورة، وغزواته لأرباب الفساد مأثورة، وملاحمه تستغرق الأسفار، ورباطة جأشه يوافق فيها الموالف والمخالف في جميع الأقطار.
وأما كرمه عليه السلام فقد ملأ الآفاق وسارت به الرفاق وشرق وغرب، وعم الأبعد والأقرب، ووقع مواقع العيون عند الجدب، فتنوعت في الناس نعمه، ووصل إلى كل كف كرمه، فكان عليه السلام من أهل الكرم الغزير والجود (الجم)(2) الغفير، والسماح الكبير، ومع ذلك لم يسلم من المطاعن في سيرته من غير دليل(3) ولا برهان (وهكذا دأب أهل كل زمان)(4).
পৃষ্ঠা ৬১