জাতিগত মানসিক ঐতিহ্য এবং উন্নয়ন
السنن النفسية لتطور الأمم
জনগুলি
وما بين مزاج مختلف العروق النفسي من هوة يوضح لنا السبب في أن الأمم العليا لم توفق قط لحمل الأمم المتأخرة على اعتناق حضارتها، وما كان من الرأي الشائع القائل إن التعليم يمكنه أن يحقق مثل هذا الأمر هو من أشأم الأوهام التي صدرت عن نظريي العقل الصرف، ولا مراء في أن التعليم يمنح الشخص الذي وضع في أدنى درجات السلم البشري جميع ما لدى الأوربي من المعارف بفضل ما يكون عند أحط الأفراد من الذاكرة التي لم تكن مقصورة على الإنسان، ومن السهل أن يجعل من الزنجي أو الياباني محاميا أو حاملا لشهادة البكالوريا، بيد أن ذلك لا يعطيه سوى طلاء سطحي غير مؤثر في مزاجه النفسي، وإنما الذي يعجز التعليم عن منحه إياه هو ما يتصف به الغربيون من وجوه تفكير ومنطق، ومن أخلاق على الخصوص؛ لصدوره عن الوراثة وحدها، وقد يجمع ذلك الزنجي أو الياباني جميع الشهادات الممكنة، ولكنه لا يرتقي إلى مستوى الأوربي العادي مطلقا، ومن السهل أن يلقن الزنجي في عشر سنين مثل ما يلقنه الإنكليزي الحسن الثقافة، ولكن قد لا تكفي عدة قرون لأن تجعل منه إنكليزيا حقيقيا؛ أي رجلا يسير كالإنكليزي في مختلف أحوال الحياة التي يوضع فيها، وليس في سوى الظاهر تغيير أمة للغتها أو مزاجها أو معتقداتها أو فنونها بغتة، وتغيرات كهذه لا تكون حقيقية في الأمة إلا إذا استطاعت هذه الأمة أن تحول روحها.
هوامش
الفصل الرابع
تفاوت الأفراد والعروق التدريجي
لا تمتاز العروق العليا من العروق الدنيا بصفاتها النفسية والتشريحية وحدها، بل تمتاز منها باختلاف العناصر التي تتألف منها أيضا، وفي العروق الدنيا يكون جميع الأفراد من أي الجنسين على مستوى نفسي متماثل تقريبا، وهؤلاء الأفراد؛ لما بينهم من تشابه، تجدهم عنوانا للمساواة التامة التي يحلم بها الاشتراكيون في الوقت الحاضر، وبالعكس تجد السنة عند العروق العليا في تفاوت أفراد هذه العروق وجنسيها تفاوتا عقليا.
وكذلك لا يقاس مدى الفروق بين الأمم بالمقابلة بين طبقاتها الوسطى، بل بالمقارنة بين طبقاتها العليا، فالهندوس والصينيون والأوربيون لا يتفاوتون بطبقاتهم الوسطى إلا قليلا، وهم بالعكس يتفاوتون بطبقاتهم العليا تفاوتا عظيما.
وكلما تقدمت الحضارة سارت العروق، وكذلك أفراد العروق العليا على الأقل، نحو التفاوت شيئا فشيئا، وتؤدي الحضارة الحاضرة إلى تفاوت الناس بالتدريج، لا إلى تساويهم ذهنيا؛ وذلك خلافا لنظرياتنا في المساواة.
والحق أن من أهم نتائج الحضارة من جهة هو تفاوت العروق بعمل ذهني تفرضه الحضارة على الشعوب التي بلغت درجة رفيعة من الثقافة فيعظم كل يوم، وهو من جهة أخرى إحداث تفاوت تدريجي في مختلف الطبقات التي يتألف منها كل شعب متمدن.
وتقضي شروط التطور الصناعي الحديث على الطبقات الدنيا في الأمم المتمدنة بالعمل الضيق الذي يحط ذكاءها بدلا من تنميته، ومنذ مئة سنة كان العامل صانعا حقيقيا قادرا على صنع أية آلة كالساعة مثلا، واليوم غدا العامل صانعا بسيطا لا يصنع غير قطعة واحدة فيقضي حياته في ثقب الثقوب المتماثلة، أو صقل الأداة ذاتها، أو سوق الآلة نفسها، وهذا ما يوجب هزال ذكائه بسرعة، وعكس ذلك أمر المستصنع أو المهندس الذي تضغطه الاكتشافات والمنافسة فتحفزه إلى جمع عدد من المعلومات وروح المبادرة والاختراع يزيد عما كان يجمعه منذ قرن بدرجات، وإذ كان دماغه يعمل باستمرار على هذا الوجه فإنه يخضع للسنة المسيطرة على جميع الأعضاء؛ أي إنه ينمو مقدارا فمقدارا.
وكان توكڨيل قد أشار إلى ذلك التفاوت التدريجي بين الطبقات الاجتماعية في زمن كانت الصناعة فيه بعيدة من درجة التقدم التي انتهت إليها اليوم فقال: «كلما أوغل في تطبيق مبدأ توزيع الأعمال غدا العامل أشد ضعفا، وأضيق عقلا، وأقل استقلالا مما كان عليه، وكلما تقدمت الصناعة تقهقر الصانع، فزاد ما بين العامل ورب العمل من فرق.»
অজানা পৃষ্ঠা