[في هجرة المؤلف (رحمه الله) من دمشق]
إني لما هجرت مهاجر أبي وامي وعمومتي وبني عمي ومسقط رأسي ومولدي، ومصدري في الامور وموردي، وهي البلدة المشهورة بين أرباب الطريقة بالأرض المقدسة، وهي في الحقيقة على غير تقوى الله مؤسسة، كم سب أمير المؤمنين على منابرها، واظهرت كلمة الكفر في منائرها، وعصي رب العالمين في بواطنها وظواهرها، وحملت رءوس بني النبي إلى يزيدها وفاجرها؟ فهي دار الفاسقين، وقرار المنافقين، ومغرس العصابة الناصبة، ومجمع الطائفة الكاذبة، أعني البلدة المشهورة بدمشق، معدن الفجور والغرور والفسق، ولما من الله بتوفيق الخروج منها، وتسهيل الطريق بالبعد عنها، وفارقتها غير آسف على حضرتها ونصرتها، ولا نادم على مفارقة جهتها وربوتها، أرى كل وارد من موارد يزيدها ثورا، وكل ملازم لباب يزيدها من المعدلين آثما أو كفورا، وكل عاكف بأمواتها من أعلام علمائها عتلا (1) فخورا، وكل زبرج (2) اجري على صفحات عروشها وجدرانها حرفا وغرورا.
علماؤها ذئاب بل ذباب، وامراؤها سباع بل كلاب، ونساؤها أبغى من هند البغية، ومخدراتها أزنى من أم زياد سمية، الابنة في علمائها فاشية، والدياثة من زعمائها ناشية، إن لامهم لائم على سوء فعلهم قالوا: «هذا تقدير ربنا» بكفرهم وجهلهم، أو أنبهم مؤنب بفجور نسائهم قالوا: «هذا ما كتب الله على جباههن» بكفرهم وضلالهم، فجدعا (3) لهم وكبا، وبؤسا وغبا.
পৃষ্ঠা ৩৬