5
أترون ما في هذه الصورة من الحسن؟ إن الكاتب يريد أن يقول: إن الزهد هو أن تزهد في الزهد، هو أن تخلو نفسك خلوا تاما من كل ما سوى الله، فلا تحب ولا تبغض، ولا تمدح ولا تقدح، ولا تثني ولا تلوم. وهذه الصورة تبدو جافية لمن يغفل أقدار المعاني. هي كالحسناء التي غفلت عن حسنها العيون؛ لأنها لا تعرف الزينة ولا تحسن أساليب الإغواء.
ومع ذلك نرى الكاتب قرب معانيه كل التقريب فضرب المثل بما بين العاشق والمعشوق. والصوفية يرون الناس لا يفهمون غير المحسوسات، ومن أجل ذلك يضربون بها الأمثال. وهم أنفسهم يرون العشق الحسي درجة من درجات العشق الروحي؛ لأن العشق في الأصل لا ينسجم إلا بين روح وروح.
ولكن لا مفر من الاعتراف بأن هذه الصور لا يقدرها حق قدرها إلا من يرى البلاغة في المعاني. أما الذين يقفون عند الألفاظ ويستهويهم بريق البديعة فالغزالي عندهم لا يعد في البلغاء.
قوة التعليل
وقد تجد في أجوبة الصوفية أعاجيب من الأدب الرفيع.
حدثوا أن سفيان الثوري كان يرد ما يعطي ويقول: لو علمت أنهم لا يذكرون ذلك افتخارا به لأخذت.
5
وعوتب بعضهم في رد ما كان يأتيه من صلة فقال: إنما أرد صلتهم إشفاقا عليهم، ونصحا لهم؛ لأنهم يذكرون ذلك ويحبون أن يعلم به فتذهب أموالهم وتحبط أجورهم.
6
অজানা পৃষ্ঠা