পতনের যুগ: আরব জাতির ইতিহাস (সপ্তম খণ্ড)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
জনগুলি
وانطبخنا في الدولة المغلية
ولكن السلطان سكت عنهم وشجعهم على الرغم من كل أعمالهم الظالمة، فغضب أهالي مصر وكثير من أمراء المماليك، وثاروا على السلطان وجماعته المغول، فاضطر إلى الهرب والنجاة بنفسه، وذهب إلى دمشق، ولكنه فوجئ بأن نائبه فيها الأمير حسام الدين لاجين قد خلع طاعته، ونادى بنفسه سلطانا، فأذعن له، وأشهد على خلع نفسه، ثم إن لاجين نادى بنفسه سلطانا على مصر والشام في سنة 696ه/1296م وتلقب بالملك المنصور، وسمح لكتبغا أن يقيم في صلخد، وأمسك طرغاي وكثيرا من أمراء العويراتية وسجنهم في الإسكندرية، ثم انصرف إلى تنظيم شئون البلاد، ومحو كثير من الضرائب الظالمة، وتقوية الجيش حتى تمكن من تسيير حملة قوية إلى آسية الصغرى فتحت بلاد «سيس» وآدنة.
وفي سنة 698ه/1299م بعث الأمير قفجاق على رأس فرقة عسكرية إلى حلب، فقد بلغه أن المغول ينوون مهاجمتها، وسارت الحملة إلى حلب، ولكن الأمير قفجاق تآمر مع المغول، وانضم إلى ملكهم غازان ، فغضب السلطان من مقلته اللئيمة هذه، وعزم على التوجه بنفسه إلى حلب، ولكن بعض أنصار الأمير قفجاق انقض عليه وقتله وهو يلعب بالشطرنج في أواخر تلك السنة، ثم تولى الأمير سيف الدين طقجي على السلطنة، وتلقب بالملك القاهر، ولم يلبث إلا يوما واحدا؛ إذ قتله أنصار الملك الناصر بن قلاوون، وأعادوا صاحبهم من منفاه في قلعة الكرك تلك السنة 698ه وكان عمره خمس عشرة سنة فسلطنوه، وأقاموا أحدهم الأمير سلار المنصوري نائبا للسلطنة، كما أقاموا الأمير بيبرس الجاشنيكر رئيسا للقصر، واشتد التنافس بين هذين، وكادت الفتنة أن تقع بينهما لولا أن الخطر المغولي داهم البلاد، فإن غازان عاد من جديد يريد الاستيلاء على الشام فلاقته جيوش مصر سنة 698ه عند مدينة سلمية، وكان عدد المغول نحوا من مائة ألف مقاتل، والجيش المصري يبلغ ثلث هذا العدد، فدحر الجيش المصري بعد أن أبلى بلاء حسنا.
ونكبت البلاد من جديد بالمغول؛ فتهدمت مدنها، واحترقت زروعها، وأخذ الناس يهجرونها، ولما قارب وصول غازان إلى دمشق خرجت إليه وفود من أهلها تعلن خضوعها، فأمنهم على أنفسهم وأهليهم، ثم دخل المدينة، وأعلن من على منبر جامع بني أمية أنه لن يؤذي أحدا مسالما، وأنه يكفل للناس جميعا من مسلمين وأهل ذمة حقوقهم ما داموا مسالمين، ثم إنه سمى نائبا عنه في المدينة وغادرها، ولما بلغت أخبار دخوله إلى الملك الشاب ثارت ثائرته، وجمع جمعه وسار نحو الشام، والتقى بالمغول فشتت شملهم، ودخل دمشق، وطهر البلاد من المغول، ثم قفل راجعا إلى مصر، ثم علم أن بعض أعراب الصعيد في مصر السفلى قد عصوا، فبعث إليهم من أخضعهم، وهدأت له البلاد، وأخذ نجمه يعلو على الرغم من حداثة سنه، وبينا كان منصرفا إلى تنظيم أمور الدولة جاءته أخبار من عيونه في الشام أن غازان المغولي قادم إلى سورية من جديد، وأنه كتب إلى الصليبيين في إيطالية وإنكلترة يستنفرهم على قتاله، فكتب إليه منذرا موبخا على استنصاره بالكفار مع أنه مسلم،
3
ويظهر أن غازان قد استحى من عمله، فكتب إلى السلطان الناصر يعتذر ويهادن، واستراحت البلاد فترة ما، فانتهز السلطان الفرصة وجهز حملة بحرية على الصليبيين في جزيرة أرواد ففتحها، واستولى على بعض القلاع التي كانت باقية في أيديهم.
وفي سنة 703ه/1303م زحف المغول من جديد على الشام بجيش فيه نحو مائة ألف مقاتل وعلى رأسهم قطلو شاه، فلاقاه السلطان، وكادت الدائرة تدور على الجيش المصري لولا أن السلطان الشاب سار في الطليعة فنصره الله، وجهز في سنتي 704-705ه حملتين إلى آسية الصغرى التي كان أهلوها من الأرمن لا يفتئون يعبثون بمن حولهم من المسلمين، وكانت هاتان الحملتان درسين قويين للأرمن، ووقع صاحب مدينة «سيس» عاصمة الأرمن في حصار شديد، واضطر أن يدفع كل ما كان متأخرا عليه من الجزية للملك الشاب.
وفي سنة 708ه شجر خلاف قوي بين الأمير سلار نائب السلطنة وبين الأمير بيبرس رئيس القصر، وانقسمت البلاد قسمين، فأراد الملك الناصر التخلص منهما جميعا، واتفق هو وأمير القلعة على قتلهما، ولكنهما أحسا بالأمر فاتفقا عليه، وأرادا الفتك به، فاستطاع أن يفلت من حبالتهما، وتوجه يريد الحجاز، فلما بلغ الكرك، وكان له فيها أموال وعقار، فاستولى عليه وهيأ نفسه للقائهما، ويظهر أنه لم ير بدا من التخلي عن الملك مؤقتا، فأعلن تنازله عنه، وبعث بالختم السلطاني إلى أهل مصر، واجتمع أهل الحل والعقد فيها سنة 708ه وأجمعوا أمرهم على انتخاب بيبرس سلطانا عليهم ولقبوه بالملك المظفر، وكان رجلا كيسا صالحا، فجمع حوله الأمراء والمماليك، وأبان لهم الخطر المحدق بالبلاد، واقترح عليهم إقامة جسر من القاهرة إلى دمياط خوفا من قدوم الصليبيين بحرا في أيام الفيضان فيتعذر الوصول إلى دمياط فوافقوه على ذلك، واشترك في العمل أكثر من 30 ألف رجل و600 رأس بقر، وتم ذلك في قرابة شهر، وكان طوله من دمياط إلى قليون، وعرضه أربع قصبات من أعلاه وست من أسفله، تمشي عليه ستة رءوس من الخيل صفا واحدا،
4
ثم انصرف إلى إدارة البلاد بحزم وكياسة ، وشيد بعض المساجد والقصور، ولكنه فوجئ بتحرك أنصار الملك السلطان الناصر بن قلاوون وعملهم على إقصائه وإعادة زعيمهم، وزاد نشاطهم حينما بلغهم أن الناصر قد غادر الكرك إلى دمشق، وأن أمراءها بايعوه ونبذوا عهد بيبرس، وأنه عما قريب قادم إليهم في مصر، فثاروا على بيبرس واضطروه إلى أن يخلع نفسه ويفر إلى الصعيد في سنة 709ه/1309م ولم يمض غير فترة حتى دخل الناصر مصر فرحب به أهلها، وبايعوه للمرة الثانية على عرش مصر، فلم يلبث طويلا حتى قتل الأمير سلار، وصادر أمواله وكنوزه،
অজানা পৃষ্ঠা