পতনের যুগ: আরব জাতির ইতিহাস (সপ্তম খণ্ড)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
জনগুলি
ولما بلغته أخبار زحف هولاكو اضطرب لها، ولكنه أخذ يهيئ نفسه، وفي سنة 657ه قدم هولاكو إلى مشارف الفرات واستولى على الجزيرة الفراتية، ثم توجه إلى حلب وفتك بالقرى المجاورة لها فتكا عظيما، ولما بلغت أخباره إلى دمشق جمع الملك الناصر جموعه في مطلع عام 658ه للتوجه إلى حلب، ولكن جماعة من مماليكه أرادوا اغتياله فاشتعلت نار الفتنة، واضطربت البلاد، ودخل هولاكو مدينة حلب وذبح من أهلها مذبحة عظيمة حتى قيل: إن عدد من قتل بها من الناس كان أكثر ممن قتلوا في بغداد،
4
وقال ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة»: «وإن هولاكو حاصر حلب ستة أيام، ثم أوقع بها خمسة أيام حتى لم يبق بها أحد، ووصل إلى هولاكو على حلب الملك الأشرف صاحب حمص فأكرمه هولاكو، وأعاد إليه حمص، ثم رحل هولاكو إلى حارم، فقتل أهلها عن آخرهم، وسبى النساء، وأمر بخراب أسوار قلعة حلب وأسوار المدينة فخربت عن آخرها، وأمر الأشرف موسى صاحب حمص بإخراب سور قلعة حماه فخربت وأحرقت زردخانتها ... وأما دمشق فإن نائب هولاكو قدم إلى أهلها بالفرمان والأمان فتلقاه كبراء المدينة وأنفذت مفاتيح دمشق إلى هولاكو.»
5
وعلى الرغم من ذلك هدم التتار أسوار مدينة دمشق والقلعة، وخربوا ما فيها من مصانع السلاح والزردخانات، ثم توجهوا إلى فلسطين ففتحوا قلاعها في نابلس وعجلون والصلت وصلخد وبصرى وسائر بلاد حوران وجنوبي فلسطين حتى بلغوا غزة هاشم، وقد كانوا يودون الزحف على مصر، ولكنهم انشغلوا بالملك الناصر يوسف الذي حاول تفريق جمعهم فتغلبوا عليه، وقتلوه، وفرقوا جنده، ولقد لقيت الديار الشامية من التتار بلاء عظيما وفر بقايا الأيوبيين ومماليكهم إلى مصر يستنجدون بأهلها وبأمرائها، فجمع المصريون جموعهم لنصرتهم وقدموا إلى الشام بقيادة الملك المظفر قطز، والتقوا بالتتار عند غور الأردن، وجرت معركة كبيرة عند عين الجالوت، وهزم الله التتار على الوجه الذي سنبينه في الفصل الخاص بمصر.
ولما رجع الملك المظفر قطز إلى مصر لم تستقم له الأمور بل فوجئ بثورة عنيفة قام بها عليه المماليك، وقتلوه وولوا على سلطنة مصر محله الملك الظاهر بيبرس البندقداري، ولما بلغ هذا الخبر إلى نائب السلطنة المصرية في الشام الأمير سنجر جمع الناس، وطلب إليهم أن يبايعوه بالسلطنة على الشام، فأجابوه إلى ما أراد، وهكذا استقلت الديار الشامية عن الإدارة المصرية، ولم يخرج عن طاعة الأمير سنجر من ولاة الشام ونوابه إلا الملك المنصور صاحب حماه، وبينما كان سنجر يهيئ نفسه للذهاب إليه وإخضاعه علم أن جيوش التتار زاحفة من جديد نحو الشام، وقد علم بذلك الملك الظاهر بيبرس فاهتبل هذه الفرصة وبعث جيشا من مصر في سنة 659ه لقتال سنجر، فقهره وأعاد سلطانه على الشام ووحد القطرين، وعبأ البلاد للقاء التتار، ولما علم التتار بذلك توقف زحفهم، ولكن خطرا آخر داهم البلاد وهو خطر الصليبيين المقيمين في السواحل الشامية وأنطاكية، فإنهم نقضوا العهود، وحاولوا الإغارة على دمشق وما إليها، فهب للقائهم، وتم له النصر عليهم، وفتح الله على المسلمين كثيرا من المدن والقرى، ولكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى أنطاكية فرجعوا إلى حلب وهم ينوون الزحف مجددا على أنطاكية، وفي هذه الفترة بعث الملك الظاهر جيشا قويا أغار على الصليبيين في مدينة الناصرة وما إليها، ثم سار هو بنفسه في سنة 663ه فأغار على عكا، ثم نازل قيسارية وفتحها، وأمر بهدم أسوارها وأسواقها، ثم سار في سنة 664ه إلى صفد فاستردها من الصليبيين، ثم أغار في سنة 666ه على يافا ففتحها وهدم قلعتها، وسار نحو طرابلس فهدم كثيرا من القرى الصليبية، وطهر الديار منهم، ثم جمع جموعه واتجه نحو أنطاكية فأيده الله بفتحها، وفتك بالصليبيين وملوكهم شر فتكة، وأخذ يطهر كافة الديار الشامية من بقاياهم، وكان هذا أعظم فتح بعد الفتح الأيوبي.
ولما أتم الله له هذا النصر عزم على الجهاد، فجهز جيشا كبيرا في سنة 673ه توجه به إلى بلاد الأرمن، وتوغل في ديارهم، وغنم المسلمون مغانم كثيرة، ثم رجع إلى دمشق، ووطد الأمن في هذه الديار وفي الديار المصرية حتى وافاه أجله في سنة 676ه بعد أن فتك بالصليبيين، وطهر الأرض من أوضارهم، وقضى على آمال التتار في الاستيلاء على الشام ومصر.
ولما مات تولى الأمر بعده السلطان قلاوون، ولكنه فوجئ بثورة تقوم في الشام بقيادة أميرها سنقر الأشقر الذي أعلن انفصاله، فبعث إليه قلاوون من قهر جنده واضطره إلى الفرار ومكاتبة التتار يغريهم في الحضور إلى الشام، فلبى التتار دعوته وزحفوا على حلب في مطلع عام 679ه فعاثوا فيها فسادا، وأحرقوا الجوامع والمدارس والدور، ثم رأى السلطان أن يصالح سنقر الأشقر لعله يفل من عضد التتار، وتم الاتفاق بينه وبين سنقر الأشقر على أن يستقر سنقر في بلاد الشفر من أرض حلب، وتخلى عن معاونة التتار، وانضم بجنده إلى السلطان قلاوون، ثم وقعت الواقعة بين العرب والتتار في ظاهر حمص، ونكب التتار نكبة شديدة، وتفرقت جموعهم، فهربوا من البلاد، واستراح الناس من جرائمهم.
وفي سنة 684ه علم الشاميون بأن التتار يريدون الاستيلاء على بلادهم وأنهم قادمون إليهم بجيوش كثيرة فاستعدوا لهم، والتقى الجمعان في وادي التيم، وأظهر العرب بطولة نادرة تمكنوا بها من طرد التتار، وكانت هذه الأعمال هي أجل الأعمال العسكرية التي قام بها الملك قلاوون منذ توليه السلطنة إلى أن مات.
ولما تولى الأمر من بعده ابنه السطان الأشرف خليل سار على خطى أبيه في الحزم والضرب على أيدي التتار والصليبيين، وأول أعمال قام بها في الديار الشامية توجهه بنفسه في سنة 689ه على رأس حملة لفتح مدينة عكا بعد أن حاصرها بشدة ففتحت أبوابها المنيعة أمام إرادته وأعمل في الصليبيين قتلا وفتكا، ولما فتحت عكا اضطرب الصليبيون وأخلوا مدينة صيدا فاستولى عليها، ثم سار نحو بيروت، فهدم أسوارها، وكانت جد منيعة، وبالسيطرة عليها تمت له السيطرة على الساحل الشامي كله من الإسكندرونة حتى الإسكندرية بعد أن بقي حقبا طويلة تحت يد الصليبيين، ولم ير الصليبيون حملة شديدة بعد حملة صلاح الدين - رحمه الله - إلا حملة الظاهر بيبرس، وحملة الأشرف خليل.
অজানা পৃষ্ঠা