পতনের যুগ: আরব জাতির ইতিহাস (সপ্তম খণ্ড)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
জনগুলি
4
ولما استتبت الأمور لجهان شاه أقام في بغداد نائبا عنه اسمه بير محمد الطواشي ورجع هو إلى تبريز، وما بقي فيها قليلا حتى توجه عزمه على قتال السلطان حسن الطويل البايندري صاحب ديار بكر، فسار إليه في جمع من الجنود، ولكن الدائرة دارت عليه وعلى كثير من جنوده فقتل في سنة 872ه/1467م كما قتل عدد من الأمراء والقادة البارانية أمثال محمد ميرزا، وأبي يوسف ميرزا ولدي جهان شاه وبير زادة، ولما أصيب الجيش الباراني بهذه النكبة تفرقت فلوله في البلاد، وفكر بعض قادتهم في لم الشمل، وقر رأيهم على أن يذهب الأميران شاه علي وشاه إبراهيم، ويعملا على إنقاذ أحد أولاد جهان شاه واسمه حسن علي من قلعة كان محبوسا فيها، فأنقذوه وساروا به إلى تبريز فدخلوها، وأخذوا يهيئون أنفسهم للانتقام من السلطان حسن الطويل والتقى جمعاهما عند تبريز في سنة 873ه/1468م، فانكسر الأمير حسن وجماعته وتفرق جنده واستولى السلطان حسن الطويل على تبريز، فلما بلغت هذه الأخبار مسامع والي بغداد بير محمد الطواشي أخذ يستعد للقاء السلطان حسن الطويل، ولكنه فوجئ بمرض هلك على إثره، فعمد الأمراء في بغداد إلى تسليم المدينة إلى أحدهم واسمه حسن علي بن زينل، وكان أميرا حسن السيرة رقيق القلب، ولكنه لم يلبث في حكمه طويلا حتى مات، فتسلم الأمر من بعده أخوه منصور بن زينل وكان جبارا فاتكا فكره الناس عهده وعملوا على التخلص منه فقتلوه وبموته انتهت الدولة البارانية، وكان ذلك في جمادى الآخرة سنة 874ه/1369م، وقد حكمت الأسرة البارانية العراق وما إليه قرابة نصف قرن، لقي العراق فيها أشد الويلات على الرغم من أنه كان مستقلا شبه استقلال عن العاصمة تبريز، فقد كان والي بغداد يتولى أمرها مستقلا بنفسه، وخصوصا في عهد شاه محمد وأسبهان وبير بوداق، ولكن حالة بغداد وسائر المدن العراقية كانت تنتقل من سيئ إلى أسوأ، وخصوصا حين ازداد الطنبور نغمة بظهور المشعشع الذي اتخذ الدين شعارا، ولحقه عدد من الغوغاء والأعراب، وأخذوا يفتكون بالناس من أهل الحاضرة، ويدكون القصور، ويخربون المساجد والمعاهد والأماكن العامة، ويعملون على تقطيع أوصال البلاد. (2) الدولة البايندرية
تنتسب هذه الدولة إلى «بايندر بن كون» أحد زعماء التركمان الذين جاءوا لمعاونة أمراء الدولة البارانية من بلاد التركستان إلى البلاد الإيرانية، على ما أسلفناه، ثم ما زال أمرهم يقوى إلى أن ظهر تيمورلنك، فذاع صيت أحدهم واسمه قرا عثمان فقربه تيمورلنك لشجاعته وفتكه، وظهرت منه بطولات نادرة في حروب تيمورلنك فقربه هذا إليه، ولما هلك تيمورلنك طمع بايندر في السلطان، وفي تأسيس دولة كدولة بني جلدته البارانيين، وطمع في القضاء عليهم واستصفاء أراضيهم، وأخذ يعمل لذلك حتى تم له ما أراد وأسس دولته بعد أن تملك ديار بكر وبلاد «إربل» والموصل وماردين، واتخذ مدينة آمد عاصمة له، وأطلق اسم «آمد قويونلو» على دولته؛ لأنها اتخذت الأغنام البيض شعارا لها بمقابلة «قرا قويونلو» الذين كانوا يتخذون الأغنام السود شعارا لهم، وظل قرا عثمان يعمل طوال حياته على تقوية أمر دولته، وتوسيع رقعتها إلى أن مات.
فلما مات وقع الاختلاف بين أولاده وأحفاده فتفرقوا شيعا، ولكن أحدهم وهو حفيد جهان كير بن علي بيك، كان فتى هماما داهية أحبه أبناء جلدته، والتفوا حوله، واتخذ آمد مقرا منذ عام 848ه، ثم أخذ سلطانه يقوى إلى أن مات فخلفه أخوه السلطان حسن الملقب بالطويل، وكان رجلا قويا استطاع ترتيب أمور الدولة وتنظيم جيش كبير لها، وفي سنة 871ه جمع جهان شاه ملك الدولة البارانية جيشا أراد به القضاء على السلطان حسن الطويل، فاستعد هذا للقائه، ولما التقى الجمعان تغلب جيش السلطان حسن وتفرق جند جهان شاه في البلاد، وخاف هذا سوء العاقبة ففر بنفسه، ولكن أحد جنود السلطان حسن استطاع اللحاق به وقتله في سنة 872ه كما أسلفنا تفصيل ذلك.
ولما قتل جهان شاه ذهب جنده شذر مذر، أما حسن الطويل فإنه جمع جموعه وتوجه إلى الموصل ففتحها ثم سار إلى تبريز ، وبعث بجنوده ليفتحوا له الحصون والقلاع المحيطة بها ففتحوها، ولما وصل إلى تبريز علم أن السلطان أبا سعيد ميرزا صاحب خراسان قد تجهز للمسير إلى العراق فجمع سراياه وبعوثه وأرسل موفدا إلى السلطان أبي سعيد يستعطفه، فرد السلطان رسوله، ولما نشب القتال انتصرت جنود السلطان حسن وجمعت من الأسلاب والغنائم ما لا يقدر، وكانت هذه المعركة في سنة 877ه، وتم له الاستيلاء على إيران جميعها، وبعد أن وطد أقدامه وزع البلاد بين أولاده ورجع إلى العراق وحاصر بغداد ودخلها كما مر في كلامنا عن الدولة البارانية.
ولما استولت جيوش السلطان حسن الطويل على بغداد خاف أهلها خوفا عظيما لما قد بلغهم من عسف البايندرية وقتلهم للنساء والأطفال والأبرياء، ولكن الأمير مقصود بيك ابن السلطان حسن الطويل طمأنهم، وأعلن للملأ أنه نصب نفسه واليا على بغداد، وهكذا توطدت أركان الدولة البايندرية في إيران وكرجستان والعراق.
وفي سنة 878ه/1473م بعث المحمل العراقي إلى الحجاز ودخل المدينة المنورة وفيه جمهرة كبيرة من أهل الدين والعلم والقضاء، فلما وصلوها طلبوا من خطباء مساجدها أن يخطبوا للسلطان «الملك العادل حسن الطويل»، وأنه خدم الحرمين الشريفين، وبلغت هذه الأخبار مسامع سلطان مصر، فغضب لهذا أشد الغضب، وكادت أن تقع فتنة بين الطرفين، ولكن وسطاء السلام توسطوا بينهما فانتهت الأزمة بسلام.
5
وفي هذه السنة أيضا وقيل بل في السنة التي تلتها وقعت بين السلطانين العثماني والبايندري حرب في مدينة قيسارية انهزم البايندري على أثرها، وكانت إحدى الحروب العظيمة التي قام بها السلطان حسن، وكان انكساره فيها انكسارا قويا جعله يقلع تماما عن التفكير في محاربة العثمانيين.
وفي سنة 882ه/1477م مرض السلطان حسن مرض الموت، وهلك بعد أن حكم العراق مدة غير قصيرة كان فيها ملكا خيرا محبا للرعية رءوفا بها، وكان يحب العلم وأهله، كما كان يحب إشادة المساجد والمدارس والمرافق العامة، ولما شاع خبر موته طمع محسن المشعشع في الاستيلاء على بغداد، ولكن السلطان البايندري الجديد خليل بيك بعث إليه من وقف في سبيله ورده، ولم تمض فترة طويلة حتى ثار يعقوب بيك أخو خليل بيك على أخيه، ووقعت فتنة بين الأخوين، قتل على أثرها السلطان خليل بيك وتولى الملك بعده أخوه يعقوب بيك في سنة 883ه، وساس البلاد سياسة لا بأس بها، وعم الأمن في الديار العراقية وانتشر العدل بين الناس، ولكنهم لم يكادوا يستريحون من الفتن والحروب حتى فاجأهم محسن المشعشع بغارة شعواء، ووصل إلى حدود العاصمة ونهب وأسر، واضطر الجيش البايندري إلى التقهقر، ولكن السطان يعقوب عاد فنظم جنده، وطرد المشعشع، وأخذت الأمور تستقر له، وفي سنة 888ه شرع في بناء عمارته المشهورة بالجنات الثمان «هشت بهشت» فجاءت آية في روعتها وعظمتها، وفيما احتوت عليه من ضروب اللذات، وروائع الجنات، وكان يقضي فيها معظم أوقاته يستمع إلى الشعراء، ويشجع العلماء، وظل على هذا إلى أن هلك في سنة 896ه.
অজানা পৃষ্ঠা