বিশ্বের জলদস্যুতার ইতিহাস
تاريخ القرصنة في العالم
জনগুলি
في حوالي عام 1860م أمضى تاجر قصب السكر الثري السنيور فيكتوريس من مدينة مانيلا ثلاثة أشهر أسيرا لدى أرو داتوي، وكتب قصة شيقة عن هذه الفترة، على أن هذا التاجر لم يستطع بدقة تحديد مكان إقامته؛ لأنه كان محبوسا طوال الرحلة في قفص عانى بداخله من شدة الحرارة والبعوض، وفي جزيرة القراصنة كانوا يعاملونه معاملة حسنة، على أمل أن يأخذوا في مقابله فدية كبيرة، استطاع هذا العجوز السمين المرح أن يكتسب عطف القراصنة؛ إذ كان قريب الصلة بالأوساط العليا في مانيلا، وكم من أمسيات قضاها يحتسي الكروم مع القراصنة، وهو يمتعهم بحكاياته المرحة، ويقال: إن أرو داتوي نفسها كانت تضحك بشدة، وهي تستمع إليه حتى تفيض أعينها من الدمع.
وفي أبرل من عام 1866م قرر الإسبان أن يضعوا حدا للقرصنة في منطقة الفلبين، اتجهت إلى جزيرة ميندانا - والتي كانت تمثل آنذاك القاعدة البحرية للصوص - حملة رأسها فرانشيسكو بافيا، وقد شارك في هذه الحملة ضباط متطوعون من مختلف البلاد، كانوا يتطلعون للدخول في حرب مع القراصنة باعتبارها مغامرة شيقة ورياضة من نوع خاص.
استطاع الإسبان عبر معارك دموية الاستيلاء على قلاع القراصنة قلعة تلو الأخرى، وفي الوقت نفسه أخذ القراصنة في الانسحاب إلى عمق الجزيرة عبر طرق سريعة لا يعرفها غيرهم ، وعندما اقتحم الإسبان آخر قلعة وقعت في أيديهم، قام جميع المدافعين عنها من الذين بقوا أحياء في الانتحار، وكان من بينهم أيضا أرو داتوي.
عام 1825م ظل القراصنة الملايو يخطفون سنويا ما يقارب الألفين من المستعمرين، أغلبهم من الإسبان، وقد أصبحت هذه الحوادث من الأمور المعتادة، حتى إنها أصبحت تمر مر الكرام، على أن بعضا من هذه الأحداث مثل مغامرات دولوريس الحسناء ابنة قائد إيلويلو الإسبانية في الفلبين، قد جرى وصفها لتصبح جزءا من تاريخ القرصنة.
عندما بلغت دولوريس من العمر ستة عشر ربيعا، أصبحت فتاة ذات جمال خلاب، الأمر الذي كان يشكل في تلك الأزمنة، وفي بلد مثل تلك التي عاشت فيها خطرا على فتاة شابة، غير أن أباها السنيور كرفاخول رأى أن مدافع القلعة الست، إلى جانب ثلاثين جنديا تحت إمرته، ثم العلم الإسباني بصفة خاصة، يمثلون ضمانا كافيا لأمن ابنته، ومن ثم أتاح لها حرية نسبية. اعتادت دولوريس - التي كانت تتمتع بالورع أيضا - اعتادت زيارة كنيسة صغيرة، كانت توجد وسط الحدائق القائمة عند أطراف المدينة على مشارف الأحراش، وعادة ما كانت تتنزه في الأمسيات قبل غروب الشمس وسط الصخور المتناثرة بامتداد شاطئ البحر مع محبوبها. وذات يوم لم تعد دولوريس من رحلة المساء، فتوجه الجنود الثلاثون على رأسهم السنيور كرفاخول، وجدوا في البحث عنها في كل أنحاء الشاطئ طوال الليل، وقبيل مطلع الصبح عثروا في إحدى المغارات القريبة من البحر على الشاب مطعونا برمح، كما عثروا على شال دولوريس ملقى على الأرض وعليه آثار دماء. أما الفتاة نفسها فلم يعثر لها على أثر، وقد شهد أحد الصيادين من أبناء الملايو بأن قاربين من نوع البراو مرا بجانبه، وكان في طريق عودته من رحلة، وكان من الواضح من حركة مجاديفهما أنهما في عجلة من أمرهما.
هز نبأ اختطاف ابنة رئيس القلعة الإسبانية سكان المستعمرة الفلبينية، على أن محافظ المدينة لم تكن لديه أدنى رغبة في أن يتورط في حرب مع كل قوى القرصنة في جنوب شرقي آسيا؛ من أجل أية سنيوريتا مهما كانت رائعة الحسن. صحيح أن القراصنة نكلوا بالمدنيين من السكان، لكنهم في المقابل لم يلحقوا أي أذى بالجيش الإسباني أو القس، كما أنهم لم يتجسروا على سرقة الأديرة أو مهاجمة الثكنات والحاميات العسكرية، ظلت هذه الهدنات الصامتة المبرمة دون كتابة بين المستعمرين الإسبان وقراصنة الملايو سارية المفعول لمدة طويلة وبدقة متناهية من قبل الجانبين، أضف إلى هذا أن السفن الإسبانية كان أمامها مهام أهم بكثير من البحث عن الحسناء المخطوفة، ولا سيما أن كرفاخول نفسه لم يكن يعرف من الذي اختطف ابنته بالضبط.
بعد مرور الوقت نجح الأب من خلال التجار والبحارة أن يعرف أن الفتاة موجودة في جزيرة خولو المنيعة التي تعد القاعدة الرئيسية للقراصنة، حتى إن الهولنديين القادمين من قلعة باتافيا (جاكارتا)، والذين تم إنزالهم في هذه الجزيرة بصحبة الفرسان والمدفعية، اضطروا للتراجع عنها، ليعودوا صفر اليدين، كما كان على السفن التي تنقل البضائع بين جزر سومطرة وتسيليبس ومكاو أن تحمل تصاريح خاصة موقعة من سلطان خولو، الذي كان - وفقا للتقاليد المحلية - وريثا لسلطان البحار، بالإضافة إلى أنه كان يتربح أيضا من أعمال النهب البحري. كان من الضروري أن يكون حائز التصاريح التي يصدرها سلطان خولو صينيا فقط؛ وذلك من أجل إضفاء جو الغرابة الشرقية على التقاليد المستقرة؛ ولهذا كان على أصحاب السفن أن يستأجروا هؤلاء الصينيين مقابل أجور مرتفعة، الأمر الذي كان يعد وسيلة أخرى للحصول على مكاسب إضافية، أي إنها كانت في الواقع جزية يتم تحصيلها من أصحاب السفن.
لقد تبين أن دولوريس بحالة طيبة، وذلك بناء على أنباء وصلت إلى والدها الذي كاد اليأس أن يفتك به. واتضح كذلك أنها موجودة لدى أحد كبار الموظفين الذين ينتمون إلى الطبقة الأرستقراطية، والذين يعملون في بلاط السلطان، فقد كان هناك موظفون يعملون في حكومة السلطان في الشئون العسكرية وفي شئون التجارة والقضاء، وكان الرجل الذي توجد عنده دولوريس الحسناء موظفا مختصا في شئون القضاء، ويدعى ميرافال، كان يحيط الفتاة بكل أنواع البذخ الشرقي، آملا أن تبادله الفتاة مشاعره في نهاية الأمر.
قرر السنيور كرفاخول أن يدفع فدية مقابل إطلاق سراح دولوريس، فأرسل إلى الجزيرة صديقه القديم الذي كان فيما مضى بحارا رائعا، كما كانت تربطه علاقات صداقة بالقراصنة، غير أن الصديق عاد إلى إيلويلو بخفي حنين، فقد أعلن الموظف الكبير أنه لن يفرط في دولوريس بأي ثمن. مرت الأيام ولم يتوقف اهتمام الإسبان في جزر الفلبين بمصير دولوريس الحسناء، وأخيرا أرسل المحافظ إلى سلطان خولو بأحد كبار الموظفين يعرض فدية رسمية ضخمة مقابل إطلاق سراح دولوريس، على أن الرسول تلقى ردا بالرفض، كان من الواضح أن السلطان لا يتمتع بتلك السلطة المطلقة كما يتصورها البعض، بل بدا أنه مضطرا لأن يضع في اعتباره الأوليجاركية الإقطاعية التي يعتمد عليها، واضطر محافظ الفلبين تحت ضغط الرأي العام إلى أن يلجأ إلى عمل مظاهرة عسكرية، فأبحرت السفن الإسبانية في استعراض للقوة بالقرب من سواحل خولو نفسها، على أنه مكان، محظورا عليها تماما أن تبدأ هي العمليات العسكرية، وكان المحافظ يقصد بذلك مجرد التلويح بتهديد السلطان الذي أظهر في الواقع تماسكا ورباطة جأش، فلم يستفز، ومن ثم عادت السفن الإسبانية بخفي حنين.
ولم يكن باستطاعة دولوريس أن تعتاد بأي حال من الأحوال على حياة الأسر، كما أنها لم تشأ أن تستسلم لقدرها، ولا سيما أن البحارة والتجار الذين كانوا يأتون إلى خولو - والذين كانت أحيانا ما تلتقي بهم - كانوا يخبرونها بالجهود التي تبذل من أجل إطلاق سراحها، وقد أقنعوها أن حبيبها قد شفي من إصابته، وأنه سرعان ما يأتي إلى خولا لإنقاذها.
অজানা পৃষ্ঠা