ومما تقدم، يظهر للقارئ الكريم أن حالة روسيا كانت قبل ثلاثمائة عام، على جانب عظيم من الضعف والانحطاط والهمجية، وأما الآن فإنها أصبحت دولة راقية، وهاك ما كتبه أحد الكتاب عن روسيا الحاضرة:
إن إمبراطورية روسيا العظمى قد ترامت إلى أبعاد شاسعة، حتى إن مساحتها تبلغ سدس العالم المأهول، وقد أوجدت تحت لوائها بلادا شاسعة، وأقاليم عديدة، وعدة بحار وأنهار وجبال شامخة، وأحراش ليس لها أول من آخر، ومروج وحقول، وهي على اتساع مساحتها غنية بالسكان المختلفين في الأجناس والأديان، ومن عدة مئات من السنين كان سكان روسيا مقصورين على الروسيين الأصليين، وكانت تسمى في ذلك العهد «مملكة موسكو»، التي كانت أصغر من المملكة الحالية بعشر مرات، عدا عن أنها كانت ضعيفة لا حول ولا طول لها، وكانت معرضة دائما أبدا لهجمات الشعوب المجاورين لها، ولبثت روسيا مئات من السنين تسام صنوف الهوان تحت نير التتر.
ولما تمكنت من التخلص من تحت ذلك النير الثقيل، تحملت أيضا كثيرا من هجمات مجاوريها الأقوياء، ومن الفتن والثورات الداخلية، ولكنها بالتدريج نمت وتقوت؛ فإنها ضمت إليها أولا سيبيريا العظمى، ثم انضمت إليها روسيا الصغرى، ثم في خلال عدة سنين أشهرت حروبا كثيرة، كان الفوز فيها حليفها والنصر أليفها، وافتتحت عدة مقاطعات من أملاك تركيا، وأخضعت كل إمارة ليتفا، والجهات المتاخمة لبحر البلطيق وفينلاندا، وقسما عظيما من بولونيا، وجميع بلاد القوقاس، وإقليم روسيا الجديدة، وجهات أخرى.
وبناء على ذلك، فإن روسيا أصبحت دولة عظمى مختلفة أجناس الرعايا، وذلك بخلاف الممالك الأخرى التي أهاليها من جنس واحد وقبيلة واحدة، يدينون بدين واحد ويتكلمون بلغة واحدة.
إن روسيا الآن يسكنها قبائل وشعوب مختلفة، الذين يتكلمون بمائة وأربعين لغة، ويدينون بمذاهب شتى ؛ فعدا المسيحيين الأورثوذكسيين يوجد فيها الكاثوليك واللوثريون والبروتستانت، وفي روسيا يعيش عدة ملايين من المسلمين واليهود والبوذيين وغيرهم.
وكان عدد سكان روسيا بحسب الاكتتاب العام، الذي جرى منذ ستة عشر عاما، يبلغون 125 مليونا من النفوس، وأما الآن فإنهم يبلغون 148 مليونا ونصف، منهم الثلثان؛ أي نحو 83 مليونا ونصف روسيون أصليون، والعدد 65 مليونا الباقي يقسم على هذه الشعوب الآتية:
بولونيون: نحو 8 ملايين.
يهود: نحو 5 ملايين.
فينلانديون: نحو 2 مليون.
قوقاسيون وغروزين: نحو 2 مليون.
অজানা পৃষ্ঠা