: العاق لوالديه والتارك لسنتي ، ومن لم يصل علي إذا ذكرت بين يديه كذا في الجوهر المنظم ( قال النبي صلى الله عليه وسلم : رضا الرب في رضا الوالد ) أي الأصل وإن علا ( وسخط الله في سخط الوالد ) أو قال صلى الله عليه وسلم : ( الوالدين ) في الموضعين وهو شك من الراوي رواه ابن حبان والحاكم وصححاه ورجح الترمذي أنه موقوف ، وفي رواية رضا الرب في رضا الوالد أي الأصل ، وإن علا ، وسخط الرب في سخط الولد ، أي الذي لا يخالف الشرع رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمرو بن العاص والبزار عن ابن عمر بن الخطاب وهو حديث صحيح . وهذا وعيد شديد يفيد أن العقوق كبيرة ، وعلم من ذلك بالأولى أن الأم كذلك ، وفي رواية الطبراني عن ابن عمرو رضا الرب في رضا الوالدين ، أي الأصلين وإن علموا سخطه في سخطهما ( وقال عليه الصلاة والسلام : بروا آباءكم ) أي وأمهاتكم ( تبركم أبناؤكم ) أي وبناتكم وكما تدين تدان ( وعفوا ) بكسر العين أي عن نساء الناس فلا تتعرضوا لهن بالزنى ( تعف نساؤكم ) أي عن الرجال أي عن الزنى بهم رواه الطبراني عن ابن عمر بإسناد حسن . قال البرماوي : مضارع المضاعف اللازم الكسر والمتعدي الضم ، وما سمع من المضموم في الأول نادر وما سمع من المكسور في الثاني نادر ، فيحفظ في كل منهما ولا يقاس عليه ( وقال عليه الصلاة والسلام : من أصبح وله أبوان راضيان عنه أو أحدهما فتحت له أبواب الجنة ومن أمسى وله أبوان ساخطان عليه أو أحدهما فتحت له أبواب جهنم ) وفي رواية لابن عساكر عن ابن عباس : من أصبح مطيعا لله في والديه ، أي أصليه المسلمين أصبح له بابان مفتوحان من الجنة ، وإن كان واحدا فواحد أي إن كان المطاع من الوالدين واحدا فالمفتوح باب واحد قال المناوي ، وفي هذا الحديث إشارة أن طاعة الوالدين لم تكن مستقلة ، بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى ( وقال عليه الصلاة والسلام : إذا كنت في الصلاة ) أي النافلة ( فدعاك أبوك فأجبه وإن دعتك أمك فأجبها ) أي فإن إجابة الوالدين في النفل أفضل من عدمها إن شق عليهما عدمها ، وتحرم إجابة الوالدين في الفرض ، وتبطل الصلاة بها مطلقا ، أي سواء كانت في الفرض أو في النفل ( وقال عليه الصلاة والسلام : من آذى والديه أو آذى أحدهما يدخل النار ) وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يسمى علقمة ، وكان كثير الاجتهاد عظيم الصدقة ، فمرض يوما مرضا شديدا واشتد مرضه ، فبعثت زوجته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن زوجي في نزع روحه ، فأردت أن أعلمك بحاله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ( انطلقوا بنا إليه قال : فلما دخلوا عليه قال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا علقمة كيف ترى حالك فلم ينطق ، فعلم أنه هالك فلقنه النبي صلى الله عليه وسلم الشهادة فلم ينطق بها ، فكرر عليه مرارا فلم ينطق ، فعلم أنه هالك فقال صلى الله عليه وسلم : أله أب ؟ فقالوا له : يارسول الله إن أباه قد مات ، وإن له أما كبيرة السن فدعا بها النبي صلى الله عليه وسلم فأتوا بها إليه صلى الله عليه وسلم فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : يا أم علقمة كيف كان حال علقمة ؟ فقالت : يا رسول الله كان يصوم ويتصدق ويصلي ، وكان فاعلا للخير ، لكني ساخطة عليه لأنه كان يؤثر زوجته على أمه . فقال صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه : انطلق واجمع حطبا حتى أحرقه بالنار فقالت : يا رسول الله لا تفعل بولدي وثمرة فؤادي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فعذاب الله أشد إن الله تعالى لم يرض إلا برضاك ، ولا يقبل صلاته وصيامه وصدقته ما دمت ساخطة عليه ، فقالت : يا رسول الله أشهد الله وأشهدك أني قد رضيت عليه . فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى علقمة ولقنه الشهادة فنطق بها ومات ساعته ، قال أنس : غسلوه وصلوا عليه ودفنوه فقام النبي صلى الله عليه وسلم على شفير قبره وقال : ( يا معاشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على والدته لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، فالصرف هو النافلة ، والعدل هو الفريضة ) ، كذا في الجواهر للسمرقندي ( وقال عليه الصلاة والسلام : حكاية عن الله تعالى قل للبار لوالديه اعمل ما شئت فإن الله يغفر لك ) وروى مسلم وغيره لا يجزي الولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبد صلى الفريضة ودعا لوالديه بالمغفرة إلا استجاب الله دعاءه ، وغفر له ببركة دعائه لهما ، ولو كانا فاسقين ) كذا في رياض الصالحين ( وقال صلى الله عليه وسلم : بر الوالدين ) بكسر الباء الموحدة أي الإحسان إليهما قولا وفعلا ( كفارة للكبائر ) وفي حديث الديلمي وغيره عن الحسن بن علي رضي الله عنهما بر الوالدين يجزي عن الجهاد ، أي ينوب ويقوم مقامه . قال المناوي وهذا ورد جوابا لسائل اقتضى حاله ذلك ، وإلا فالجهاد أعلى ، وفي رواية لابن عدي عن أبي هريرة بر الوالدين يزيد في العمر ، أي يبارك في عمر البار بأن يمضي في الطاعات أو بالنسبة لما في صحف الملائكة ( وقال عليه الصلاة والسلام : من وضع طعاما طيبا في بيته وأكله دون والديه حرمه الله تعالى لذيذ طعام الجنة وقال عليه الصلاة والسلام : ( من بات شبعانا ريانا وأحد والديه جوعان أو عطشان حشره الله يوم ; لقيامة جوعانا وعطشانا ولم يستح الله تعالى من عذابه يوم ; لقيامة ) وفي الأحياء قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ) اه . ( وقال عليه الصلاة والسلام : من رفع يده ليضرب أحد والديه غلت يده يوم القيامة إلى عنقه مشلولة قالوا يا رسول الله وإن ضربهما قال : تقطع يده قبل أن يجوز على الصراط وتضربه الملائكة ) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من رجل مات ووالداه غير راضيين عليه إلا أخرج الله روحه على غير الشهادة ، ولا يخرج من قبره إلا وعلى وجهه مكتوب هذا جزاء من عصى الله تعالى ، هذا جزاء من عق والديه ) وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه قال كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم أنا وجماعة من الصحابة إذ أتاه رجل فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فقلنا له : وعليك السلام ، فقال : يا رسول الله إن عبد الله بن سلام يدعوك ليودعك ، وإنه مريض وعلى خروج من الدنيا ، فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم استوى قائما ، ثم قال لهم : قوموا بنا نزور أخانا عبد الله ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ومن معه من أصحابه حتى أتوا إلى منزله فاستأذنوا عليه ، فأذن لهم في الدخول فوجدوه في غمرات الموت ، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسه وقال : ( يا عبد الله قل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فقالها في أذنه ثلاثا فلم يقلها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم امض يا بلال إلى امرأته واسألها ما كان يعمل زوجها في الدنيا وما كان شغله ؟ ) فسألها فقالت له : يا بلال وحق رسول الله ما أعرف من يوم تزوجني أنه ترك الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا مضى عليه يوم إلا تصدق فيه بشيء لوجه الله تعالى ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الأمر لعجيب اسألها يا بلال هل له والدة ؟ ) فقالت : يا رسول الله إنها غضبانة عليه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا بلال امض لوالدته ) فمضى إليها وقال أجيبي النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : وما ذلك ؟ فقال : يصلح بينك وبين ولدك عبد الله ، وإنه على خروج من الدنيا . فقالت وحق رسول الله لا أمضي ولا أجعلنه في حل مما آذاني لا دنيا ولا أخرى ، ثم إنها امتنعت فأتى بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا عمر ويا علي اذهبا ، فأتيا بها ) فذهبا إليها ، فلما دخلا عليها قالا لها : أيتها العجوز إن النبي صلى الله عليه وسلم يدعوك فقالت : وما يريد مني فهل له من حاجة ؟ فقالا لها : لا بد أن تمشي معنا ، فمشت معهما حتى أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيتها العجوز انظري إلى ولدك وما هو عليه ) ، فلما نظرت إليه قالت يا ولدي لا أجعلك اليوم في حل من حقي لا في الدنيا ولا في الآخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيتها العجوز خافي الله عز وجل واجعليه في حل ) فقالت : يا رسول الله كيف أجعله في حل وهو قذرني وضربني وطردني من بيته لأجل امرأته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجعليه في حل ) فقالت العجوز أشهدك يا رسول الله أنت ومن معك أني جعلته في حل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا عبد الله : قل أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ) فرفع صوته بالشهادة ثم توفي على ذلك رضي الله عنه ، فلما صلينا عليه ودفناه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معاشر المسلمين ألا من كان له والدة ولم يبرها خرج من الدنيا على غير شهادة ) كذا في رياض الصالحين للعارف بالله يحيى النووي . |
1 ( الباب الحادي والثلاثون في فضيلة تربية الأولاد ) 1
قال أنس رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( الغلام يعق عنه يوم
পৃষ্ঠা ৬১