============================================================
الشهيد شح معالم العدل والتوحيل وأما ثانيا فلأن اقتضاء تلك الإرادة لكونه مريدا إما أن يتوقف على حلولها في المريد أو لا يتوقف، فإن توقفت وجب ألا يكون البارى تعالى مريدا بإرادة غير حاصلة فيه وإن لم يتوقف ذلك على حلول الإرادة في المريد، فالإرادة الموجودة لا في محل ليس بأن يقتضي كونه تعالى مريدا بأولى من أن يقتضيه لغيره، فيلزم أن تقتضي تلك الإرادة صفة كونه مريدا لكل الحيوانات كما اقتضاها للباري تعالى، أو ألا تقتضي للبارئ تعالى كونه مريدا كما لم تقتضيها لكل الحيوانات.
لا يقال: إن المريد إذا كان لا في محل ولا جهة كان اختصاص تلك الإرادة التي لا في محل ولا جهة به أقوى من اختصاصها بسائر المريدين الحاصلين في الجهة؛ لأنا نقول: إن الإرادة لما كانت في ذاتها غنية عن المحل والجهة، وفي اقتضائها لكونه مريدا كانت نسبة الإرادة إلى كل الأحياء نسبة واحدة، فأما كون بعض المريدين في الجهة والبعض لا في جهة فلما لم يكن معتبرا في ذات الإرادة ولا في كوته مريدا استحال أن يختلف لأجل ذلك حكم اقتضاء الإرادة فثبت بمجموع ما ذكرنا أنه تعالى يستحيل أن يكون مريدا لذاته أو مريدا بإرادة قديمة أو مريدا بارادة حادثة فيلزم منه استحالة كونه تعالى مريدا.
الوجه الثاني حجة أبي الحسين أنه تعالى لو كان مريدا لكانت إرادته إما أن تكون تابعة لداعية أو لا تكون تابعة. والقسمان باطلان فبطل أن يكون تعالى مريدا، وإنما قلنا إنه يستحيل ألا تكون تابعة لداعية؛ فلأنها إذا كانت غير تابعة لداعية كانت تلك المريدية إما واجبة الثبوت لذاته وإما بإرادة قديمة وإما ألا تعلل بوجه من الوجوه، وكلها باطلة فبطل ألا تكون تابعة لداعية. وإنما قلنا إنه يستحيل أن تكون تابعة لداعية فلأن المعقول من الارادة لو سلمناها أمرا زائدا أنها صفة تخصص الفعل بوقوعه على وجه دون وجه، فنقول: اما أن يفعلها لداع أو لا، فإن فعلها لغير داع كان غبيا، وإن فعلها لداع فذلك الداعي لا خلو من وجوه ثلاثة:
পৃষ্ঠা ২৩০