في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، نسأل الله عز وجل أن يعيذنا وإياكم من شر ذلك اليوم ، وأن يرزقنا فيه الفوز والنجاة . فوالله أيها الأحبة إن أحدنا ليشتد روعه ويخفق قلبه من وعيد آدمي ضعيف مثله لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يقدر أن يتمادى شهرا واحدا في عذاب من عاداه وكاشفه بأكثر من الحبس ، فكيف بذلك اليوم المذكور ، وبعذاب أهونه الوقوف في حال دنو الشمس من الرءوس ، وبلوغ العرق إلى أكثر مساحة الأجسام ، في يوم طوله خمسون ( 1 ) ألف عام ، ثم بعد ذلك يرى مصيره إما إلى جنة أو إلى نار فأين المفر إلا إلى الله وحده لا شريك له فوجدناه تعالى قال : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين } ( الأنبياء : 47 ) ، وقال تعالى : { فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه * فأمه هاوية * وما أدراك ماهيه * نار حامية } ( القارعة : 6 - 11 ) ، فعلمنا بهذا وبقوله تعال : { إن الحسنات يذهبن السيئات } ( هود : 114 ) ، أن من استوت حسناته وسيئاته وفضلت له حسنة واحدة لم ير نارا فيا لها من سرور ما أجله ، وهذا هو معنى قوله عليه السلام ( 2 ) : ' إن بغيا سقت كلبا فغفر الله لها ، وإن رجلا أماط غصن شوك عن الطريق فأدخله الله الجنة ' وذلك أن هذين فضل لهما هذان العملان بعد موازنتهما سيئاتهما بحسناتهما ، فخلصا من النار [ 237 ب ] ودخلا الجنة . فوجب علينا إذ قد جاءتنا عهود ربنا بهذا كله ، أن نطلب الأعمال الماحية أو الموازنة للسيئات ، فيثابر المرء منها على ما وفقه الله تعالى للمثابرة عليه . فوجدناه ، عليه السلام ، قد سئل عن أحب الأعمال إلى الله تعالى ، فذكر الصلاة لميقاتها ، والجهاد ، وكثرة السجود ، وذكر عليه السلام انه ( 3 ) : ' لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ، ورجل أوتي مالا فسلطه الله على هلكته في الحق ' ، وذكر لعمر ، رضي الله عنه ، تحبيس أصل ماله وتسبيل ثمرته ، وذكر عليه السلام أنه ( 4 ) ' لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه طائر أو سبع أو إنسان إلا كان له
পৃষ্ঠা ১৪৭