سمعت رسول الله يقول ( 1 ) : ' إن الله لا ينزع العلم بعد إذ أعطاكموه انتزاعا ، ولطكن ينتزعه بقبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال فيستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون ' فهذان عدلان جليلان أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة ( 2 ) وهشام شهدا على عروة ، وشهد عروة على عبد الله ، وعبد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أبلغتكم ، وليس اختلاف الألفاظ بموجب تعليلا في الرواية إذا كان المعنى واحدا فقط ، فصح ان النبي كان إذا حدث بحديث كرره ثلاث مرات فيؤديه السامع على حسب ما سمع في كل مرة : فهذه صفة الرأي . واعلموا رحمكم الله أني أقول إعلانا لا أسره ان تقليد الآراء لم يكن قط في قرن الصحابة رضي الله عنهم ، ولا في قرن التابعين ولا في قرن تابع التابعين ، وهذه هي القرون التي أثنى النبي عليها ، وإنما حدثت هذه البدعة في القرن الرابع المذموم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا سبيل إلى وجود رجل في القرون الثلاثة المتقدمة قلد صاحبا أو تابعا أو إماما أخذ عنه في جميع قوله فأخذه كما هو ، وتدين به وأفتى به الناس ، فالله الله في أنفسكم ، لا تفارقوا ما مضى عليه جميع الصحابة أولهم عن آخرهم وتابعهم عن [ متبوعهم ] ، وتابع التابعين أولهم عن آخرهم ، دون خلاف من واحد منهم ، من ترك التقليد واتباع أحكام القرآن وحديث النبي عليه السلام وروايته والعمل به . فاجتنبوا هذه [ 246 / أ ] الحادثة في القرن المذموم المخالفة للإجماع المتقدم ، وبعد أزيد من مائتين وخمسين عاما من موت النبي عليه السلام ، فكل بدعة ضلالة ، فقد نصحت لكم وأديت ما لزمني في ذلك ، وبقي ما عليكم . فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( 3 ) : ' الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة . قالوا : لمن يا رسول الله قال : لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ' . وإنما يجوز قراءة كتب الرأي على وجه اذكره لكم ، وهو طلب ما أجمع عليه أئمة العلماء فيتبع ويوقف عنده ، لان الله امرنا في الآية التي تلونا بطاعة أولي الأمر منا ولنعرف ما اختلف فيه العلماء فيعرض على كتاب الله عز وجل ، وعلى حدي النبي ، فلأي تلك الأقوال شهد القرآن والسنة المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذنا به ، ونترك سائر ذلك عن كنا
পৃষ্ঠা ১৬৭