اللسان الذي به خاطبنا الله عز وجل ، ولم يعرف اختلاف المعاني فيه لاختلاف الحركات في ألفاظه ، ثم أخبر عن الله بأوامره ونواهيه فقد قال على الله ما لا يعلم . وكيف يفتي في الطهارة من لا يعلم الصعيد في لغة العرب وكيف يفتي في الذبائح من لا يدري ماذا يقع عليه اسم الذكاة في لغة العرب أم كيف يفتي في الدين من لا يدري خفض اللام أو رفعها من قول الله عز وجل { إن الله بريء من المشركين ورسوله } ( التوبة : 3 ) ، ومثل هذا في القرآن والسنة كثير ، وفي هذا كفاية . فمن طلب علم النحو واللغة على النية التي ذكرنا فهو [ 244 / أ ] أعظم أجر وأفضل علم ، ومن طلبهما ليكونا له مكسبا ومعاشا فهو مأجور محسن ، ولكن أجره دون أجر الأول ، وفوق سائر الصناعات التي يعاش منها ، لأنه يعلم الخير ويبقي آخر عالما فيمن علم ، ومن طلبهما ليتوصل بهما إلى إقامة المظالم وإحياء رسوم الجور والتدرب في أحكام المكوس والقبالات والمخاطبة عن فساق الملوك بما يرضيهم ويسخط الله عز وجل ، فقد خاب وخسر وغدا في لعنة الله وراح فيها ، لأنه ظالم ، وقد قال الله : { ألا لعنة الله على الظالمين } ( هود : 18 ) . وأما علم الشعر فإنه على ثلاثة أقسام : أحدها ( 1 ) : أن لا يكون للإنسان علم غيره فهذا حرام ، يبين ذلك قوله عليه السلام ( 2 ) : لان يملأ ، أو يمتلئ ، جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا . والثاني : الاستكثار منه ، فلسنا نحبه وليس بحرام ، ولا يأثم المستكثر منه إذا ضرب في علم دينه بنصيب ، ولكن الاشتغال بغيره أفضل . والثالث : الأخذ منه بنصيب ، فهذا نحبه ونحض عليه ، لان النبي عليه السلام قد استنشد الشعر ، وأنشد حسان على منبره عليه السلام . وقال عليه السلام ( 3 ) : ' إن من الشعر حكما ' وفيه عون على الاستشهاد في النحو واللغة . فهذا المقدار هو الذي يجب الاقتصار عليه من رواية الشعر ، وفي هذا كفاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . وأما من قال الشعر في الحكمة والزهد فقد أحسن وأجر ، وأما من قال معاتبا
পৃষ্ঠা ১৬৩