وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا أبو عمر الضرير(1)، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: أخبرني علي بن زيد بن جدعان، عن أبي رافع مولى عمر، عن عبد الله بن مسعود أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الجن، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتاج إلى ماء يتوضأ به، ولم يكن معه إلا النبيذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( تمرة طيبة، وماء طهور ))، فتوضأ، به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد طعن قوم في سند هذه الأخبار وردوها، إلا أن الفضلاء من أصحاب أبي حنيفة قد قبلوها وعدلوا رواتها، بل أبو حنيفة نفسه قد قبلها، وفي قبولها تعديل رواتها، فلا وجه لردها.
وقد روي أيضا أن عبد الله بن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الجن، إلا أن ذلك محمول عندهم على أنه لم يكن مع النبي(2) صلى الله عليه وآله وسلم وقت الخطاب، فتكون الأخبار كلها محمولة على التصديق.
والذي يجب أن يعتمد في هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال:(3) (( تمرة طيبة، وماء طهور ))، فوجب بظاهر هذا القول أنه كان في الأداوة تمر على حياله، وماء على حياله، وهذا مما لا ينكر جواز التوضئ به، وقول عبد الله: (( معي نبيذ ))، محمول على المجاز، وعلى أنه أخبر عن المآل(4)، وهذا أولى من حمل قوله على الحقيقة وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المجاز، وعلى أنه أخبر عما كان عليه في الأصل، سيما وتأويلنا يعضده القياسات التي ذكرناها.
পৃষ্ঠা ১৪